IMLebanon

والي المنطقة

لو كنت سوريّا لهنأت الأمين العام للأمم المتحدة على استيقاظها من سبات يغيبها عن دموية التدخل الروسي في الحرب السورية، وقتله المدنيين، يومياً، بحجة قصف “داعش”، فيما الواقع أن القتلى في جلهم ليسوا من “رعايا” الدولة الاسلامية، بل من معارضي نظام الأسد.

لم يعد خافيا أن حرب روسيا في سوريا عمياء، وان بوتين اعتاد ان يكون “جذريا” في قتال خصومه أيا تكن الكلفة، وأيا تكن “الأضرار الجانبية”. من يتذكر حربه على الشيشان، لاستعادتها الى سيطرة موسكو، يتذكر انه دمر العاصمة غروزني، كليا، وهو يلاقي في ذلك النظام الأسدي، ببراميله المتفجرة، “العمياء”.

“قاتل” بوتين لتدعيم النظام، منذ أيلول، من دون اعلان، وكانت مواقع سورية أول من كشف دوره، ثم أكدته “دوائر” أطلسية – أميركية بقلقها مما سمته “تحركات روسية”.

تدرج التدخل الروسي من السرية الى العلنية، ومن ادعاء المساهمة في الحرب على “داعش”، بحجة ضعف الضربات الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، الى تأكيد دعم بشار الأسد “إلى الأبد” فإلى لعب دور المهيمن على المنطقة، وصاحب القرار في مصيرها، بما يذكر بزمن الحرب الباردة وتقاسم النفوذ الاقليمي، الى حد إلغاء سيادة الدول فيها. فها هو لافروف يعلن أن طائرات موسكو لن تضرب في ليبيا، وكأن ذلك حق سيادي لها، ويمنح في التصريح نفسه التحالف بقيادة واشنطن، ما سماه “الفرصة لتكون شريكاً فعالاً في سوريا”.

تتصرف موسكو كأنها تملك ولاية على المنطقة العربية تصل الى ان تجرب كل أنواع أسلحتها وغواصاتها النووية، وصواريخها، من العراق الى سوريا، ذهاباً وإياباً، وتحارب المعارضة السورية، وتنافس النظام في قتل الشعب السوري، تحت عنوان محاربة “داعش”، حتى أنها تعرض خدماتها على لبنان، لتوسع ميدانها الى منطقة جرود عرسال، والحدود اللبنانية – السورية.

انطلق بوتين الى القتال خارج روسيا في “حرب استباقية” على “الجهاديين” في سوريا، قبل أن تمتد نيرانهم إلى آسيا الإسلامية، كما أوحى. لكن حربه، في سوريا، ومنذ أكثر من 4 أشهر، لم تضف جديدا على نتائج حرب التحالف الغربي على “داعش”. فالطرفان افتقدا القدرة البرية، والأمر المختلف الوحيد، هو أن بوتين استخدم الاستراتيجية ذاتها التي لجأ إليها في غروزني: التدمير والقتل كيفما اتفق، وحتى التطهير العرقي. المهم بقاء النظام، والحؤول دون أي دور لأي طرف آخر في الوصول إلى تسوية، حتى لو كان الحليف الإيراني، الذي تؤشر الوقائع الاقتصادية أن مصاعبه المعيشية إلى تفاقم. وبرغم أن موسكو لن تنجز مهمتها التي انتدبت نفسها لها، في فترة 4 أشهر، كما زعمت بداية، فإنها ستستمر فيها إلى أن يحل تفاهم دولي ينقذها من الضياع بين العجز عن التدخل البري، والإبقاء على القصف الأعمى اليائس.