IMLebanon

عندما ينسى المحافظ رمزية موقعه ويكتفي بـ”التشريفات”!

وظيفة المحافظ في لبنان، كما في كل الدول، ليست تشريفات ولا منصبا رمزيا ابدا، بل هي في القوانين والانظمة المرعية الاجراء سابقا والآن ولاحقا وعلى الدوام مسؤولية كبرى وطنية وسياسية وانمائية واقتصادية واجتماعية، وحتى مالية وتربوية، لان المحافظ في نطاق المنطقة التي يكلف ان “يحافظ” عليها يمثل بالدرجة الاولى رئيس البلاد وليس ملحقا بوزارة او وزير او حتى حكومة، هو فعلا ينبغي ان يمثل رئيس الجمهورية وينطق باسمه في كل شؤون “المحافظة” ومواطنيها الخاضعين لسلطته الادارية المباشرة في كل شؤونهم، اذ يملك حق “الفيتو” على اي قرار حكومي او وزاري او اداري اذا وجد انه يتعارض مع مصلحة المحافة وسكانها.

 

وانطلاقاً من هذا يسأل كثيرون: اين محافظ جبل لبنان محمد مكاوي من هذا؟
لقد “عرج الجمل من شفته”ـ في وقت لا يستطيع احد ان ينكر ما يعانيه المواطنون من الأزمات المتتالية، وشلل الدولة وإداراتها والهدر والفساد وزيادة أحزمة الفقر والبؤس، يبدو أن محافظ جبل لبنان محمد مكاوي قد اكتفى بتقديم الأعذار بدلاً من القيام بواجباته لمعالجة المشكلات المتراكمة وإيجاد الحلول الملائمة.

 

ان الاعتماد على الغموض وعدم الشفافية، ليست خصالاً يُحتذى بها في زمن تتطلب الظروف أقصى درجات تحمل المسؤولية والوضوح.

 

والادعاء بأن غياب التغطية الإعلامية هو سبب تقاعس المحافظ عن أداء واجباته هو منطق مغلوط يعكس عدم فهم جوهر المشكلات التي يعيشها المواطن اللبناني.

 

. أولاً، ان حديث “بيان تبرئة ” المحافظ، عن التحويلات المستمرة للملفات إلى الوزارات المعنية من دون متابعة فعالة، يثير التساؤل حول مدى جدية المحافظ في متابعة القضايا المهمة. فالمواطن ينتظر أفعالاً وليس أعذاراً، والتأخر في الردود من الوزارات لا يجب أن يكون ستاراً يخفي وراءه المحافظ تقاعسه.

 

ـ ثانياً، الإشارة إلى الجهوزية للتعامل مع الأزمات والكوارث، يجب أن تكون مشفوعة بأمثلة ملموسة على الاستجابات السريعة والفعالة لمشكلات المواطنين اليومية، وليس فقط الاستعدادات النظرية. الكوارث اليومية التي يعيشها المواطن من نقص في الخدمات والبنى التحتية تتطلب أكثر من مجرد اجتماعات، وكلام بلا جدوى.

 

ـ ثالثاً، مسألة التلاعب بالأسعار وإحالة الملفات إلى وزارة الاقتصاد من دون متابعة حثيثة هو دليل آخر على النزعة البيروقراطية التي لا تعكس حساً بالمسؤولية تجاه معيشة المواطنين، المتروكين تحت رحمة من هم بلا وجدان ولا رحمة، محتكري المواد الغذائية وكارتيلات الادوية والحليب والأشغال والغش ورفع الأسعار الجنونية واستغلال حال الوضع الأمني لابتزاز طالبي الأمان بإيجارات خيالية، بدليل ان مشكلات وحوداث كثيرة واجهها نازحون من الجنوب نتيجة الاعتداءات الاسرائيلية الى بعض مناطق جبل لبنان ولم يُسمع بتدخل للمحافظ لمعالجته بما يليق بكرامة النازحين.

 

ـ رابعاً، مداومة المحافظ في مقر المحافظة لا يعني بالضرورة القيام بعمل فعال، إذ يجب أن يكون هناك تأثير ملموس وواضح لهذا الدوام على حياة الناس، علما انه لا يحضر يوميا الى مقر عمله على رغم كل الاوضاع السائدة حاليا.

 

على ان فتح أبواب مقر المحافظة للنواب ولزيارات الرمزية لا يقدم حلولاً للمشكلات الأساسية التي تعتري حياة المواطنين. فالمطلوب هو عمل جاد وشفاف وليس فقط جلسات تصوير مع ممثلي الشعب. لكن في نهاية المطاف، يبقى الحكم لللناس الذي يعانون يومياً من نتائج سياسات قد تكون بعيدة كل البعد عن تحقيق الأمان والاستقرار الذي يستحقه. ولذلك لا بد من فتح باب المساءلة والمحاسبة بعد اليوم.