IMLebanon

الانهيار الكبير  

 

المنتديات المالية والاقتصادية انهمكت، أمس أيضاً، (ومعها المنتديات السياسية) على المستويات المحلية والعالمية، في متابعة تسارع خطوات انهيار العملة الايرانية الى مستويات قياسية.

 

فقد وصلت نسبة انهيار العملة الايرانية الى نحو النصف من شهر نيسان حتى اليوم، أي بنسبة 50%، أما منذ مطلع العام فنسبة تراجع هذه العملة بلغت 80%.

يحدث هذا في وقت تلوح في الأفق حزمتان من العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة الاميركية على “الجمهورية الايرانية الاسلامية” ابتداءً من الاسبوع الأوّل من شهر تشرين الأوّل المقبل، أي خلال شهرين من اليوم، علماً أنّ دفعة من العقوبات الاميركية المهمة ستُفرض خلال الساعات المقبلة.

صحيح أنّ للعقوبات الاميركية مفعولاً سلبياً فورياً وكبيراً، خصوصاً وأنّ العقوبات الآتية ستكون أشدّ وأكثر فاعلية من العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران خلال أزمة النووي والتي كانت مفاعيلها مدمّرة.

ولكن الصحيح كذلك أنّ توسّع “نشاط” إيران في العالم عموماً وفي العالم العربي خصوصاً، استنفد الكثير من طاقات وقدرات هذا البلد الذي يملك ثروات طبيعية وبشرية هائلة، وبالذات لأنّ هذا النشاط هو تخريبي وهدفه تحقيق مشروع ولاية الفقيه في فرض التشيّع على المسلمين… وذلك كله مقابل تكلفة استثنائية وهائلة من الأموال الطائلة جداً التي تنفقها إيران على حروبها في سوريا والعراق واليمن، وعلى ميليشياتها وكذلك على عملائها في مختلف أنحاء العالم.

ولم تكن مجرّد مصادفة أنّ الشعار الأثير للمتظاهرين في طهران وفي سائر المدن والبلدات الايرانية، وبحشود كبيرة، هو التنديد بـ”حزب الله” وبالولي الفقيه شخصياً الذي كان معتبراً “قدس الأقداس”…

فالمواطن الايراني الجائع الذي لا يقدر على القيام بأود الحياة في أدنى متطلبات تكاليفها لا يهضم كيف أنّ أموالاً طائلة تنفق على “حزب الله” وعلى الميليشيات الشيعية في العراق واليمن والبحرين، وعلى الحروب التي يخوضها نظام آيات الله في سوريا والعراق واليمن؟… كيف يحدث ذلك والشعب الايراني يئن لصعوبة الحياة، وهو الواقع تحت خط الفقر بنسبة تزيد عن 40%؟

الى ذلك، وفي سياقٍ موازٍ، يلاحظ أنّ ثلاثة بلدان تنهار عملتها الوطنية في هذه المرحلة، فبالإضافة الى العملة الايرانية هناك انهيار العملة التركية والعملة الڤنزويلية.

فهل هي مجرّد مصادفة أنّ هذه البلدان الثلاثة التي تدق رأسها بالحائط الاميركي تعاني هذا التراجع الحاد في عملتها؟

لقد بات واضحاً أنّ أي دولة تحاول أو تقرر أن تتخذ مواقف معادية لواشنطن ستجد ذاتها غارقة في أزمات كبيرة، وهذا ما نلمسه مباشرة في إيران وسواها كما أوردنا أعلاه.

وليت إيران تعود الى الموقع الذي يجب أن تكون فيه، فتنسحب من الحروب التي تشعلها في غير مكان، وتتوقف عن تحريض الشيعة العرب على حكوماتهم… وعندئذٍ ستتوقف عملتها عن الإنهيار وستستعيد عافيتها، وستجد في بلدان الجوار العربية نِعْمَ الجيران.

عوني الكعكي