IMLebanon

الصيام اللبناني المطلوب

 

 

دخلتْ الطوائف المسيحية، التي تعتمد التقويم الغربي، أمس، في ما يسمونه «زمن الصيام الكبير» الذي يبدأ بـ«اثنين الرماد» (اذكر يا إنسان أنك تراب وإلى التراب تعود) وينتهي بـ«سبت النور» عشية عيد الفصح المجيد، ويستمر خمسين يوماً يتخللها «خميس الأسرار» وكذلك يوم «الجمعة العظيمة» وأحد الشعانين.

وأود أن أغتنم هذه المناسبة الروحية لأتناول مسألتين أراهما مهمّتَين جداً على الصعيد الوطني العام.

الأولى- أحلم بلبنانٍ يصوم فيه المسؤولون، في السلطة وخارجها عن الأمور الكثيرة التي أوصلت هذا البلد، الذي كان زهرة المنطقة وواسطة عقدها، إلى الحال المزرية التي حل فيها، راسفاً في قعر التخلف والفقر والإذلال والمهانة والمصائب والويلات (…). وهو الذي كان رائداً في هذه المنطقة تقدماً ورقيّاً وازدهاراً ورفاءً وهناءً ورغدَ عيشٍ…

أن يصوموا عن المراوغة والكذب والنفاق والتدليس!

وأن يصوموا عن الفساد والإفساد والانتهاكات على أنواعها!

وأن يصوموا عن الارتكابات والتجاوزات وما أكثرها.

وأن يصوموا عن المال الحرام وسرقة الدولة، وإفقار الوطن والمواطن!

وأن يصوموا عن التمتع بأموال الناس، فيما هؤلاء يعضّهم الجوع بنابه! فيعيدوا الحقوق إلى أصحابها الشرعيين، أي إلى الناس الطيبين الأوادم الصابرين على امتهان كراماتهم وهتك حقوقهم!

وأن يصوموا عن الاستزلام للخارج حتى حدود الانبطاح المهين!

وأن يصوموا، بالتالي ليس فقط عن ربط مصير لبنان بالخارج، بل خصوصاً عن تقديم مصلحة الخارج على المصلحة اللبنانية العليا!

المسألة الثانية – ألا يُحرِج المقاماتِ الدينيةَ الرفيعة أن يصوم المسيحيون في تفاوت زمني لافت جداً من الناحية السلبية، وهو يراوح بين أسبوع وشهر؟

كيف يقبلون أن يبدأ الصيام عند بعضهم أمس، ليبدأ عند آخرين في وقت لاحق من المسافة الزمنية التي تطول أو تقصر، حسب ما تريده الروزنامة؟

ألا يحرجهم أن يكون بعضنا يحتفل بفرح قيامة السيد المسيح من بين الأموات، بينما يكون سواهم يذرفون الدموع في ذكرى عذابه، فموته؟! .

ألا تحتاج هذه المسألة إلى بحث دقيق وواقعي، وبعض «التنازل» من هنا وهناك، أقلّه بعض التواضع اقتداءً بالمسيح؟!.