المواطن اللبناني اليائس من حصول اي خير على يد هذه الطبقة السياسية الحاكمة، الاّ انه في الوقت ذاته ومن باب طلب الحلّ لأزماته ولو من الصين، يرجو الله ان «يديم الوفق» بين القيادات السياسية المتناحرة منذ زمن ويهلّل لأي بصيص نور يظهر من اي اجتماع يتمّ بين قيادتين ليستا على وفاق سابقا، علّ وعسى يحمل اجتماعهما غصن الزيتون معلنا انحسار طوفان الخلافات والاحقاد، وهو بهذه النفسية يتابع فصولا جديدة من لقاءات واجتماعات تجرى بين خصوم وحلفاء متمنيا الاّ تكون على حساب الدستور وحساب مصلحة الوطن والشعب، وحساب الشفافية المطلوبة ليطمئن قلب المواطن ان نتائجها ستكون على قدر ايمانه بها.
الحدث «السكوب» الذي غطّى على معظم النشاطات التي سجّلت في الاسبوعين المنصرمين كان لقاء وزير الخارجية جبران باسيل برئىس مجلس النواب نبيه بري او ربما لقاء رئىس حزب التيار الوطني الحر برئيس حركة امل، على اعتبار ان خلفيات هذا اللقاء لم تتوضح بعد، فاعلام التيار يصف اللقاء بأنه «نفطي سياسي»، في حين ان اعلام حركة امل يصرّ على انه «نفطي بحت» تمّ التوافق فيه بين بري وباسيل على احياء ملف النفط النائم في الادراج منذ سنتين واكثر على خلفية الخلاف بين باسيل وبرّي على افضلية التنقيب ويبدو ان باسيل خرج من لقائه مع بري «مقتنعا سياسيا» انه من المفيد البدء في البلوكات الجنوبية الثلاثة التي هي على تماس مع البلوكات التي بدأت اسرائيل باستثمارها، وقد يعهد الى شركات روسية باستخراج النفط والغاز من هذه البلوكات على اعتبار ان اسرائيل لا تجرؤ على اللعب مع الدبّ الروسي.
كل هذا امر حسن، لأن هناك «ملامح» حرص على المصلحة العامة بانتظار التفاصيل وما ادراك ما هي التفاصيل لكن اللافت في الامر كما هو ظاهر للعيان، انه ممنوع على اي لبناني البحث والبتّ في ملف النفط والغاز سوى نبيه بري وجبران باسيل فالملف جمّد بسبب خلافهما وعاد الى الحياة بعد توافقهما في حين ان هناك وزيرا للطاقة والنفط تم استبعاده، وهو المسؤول المباشر عن هذا الملف وهناك رئىس حكومة اعطاه الدستور في البندين 7 و8 م المادة 64 الحق في متابعة اعمال الادارات والمؤسسات العامة وينسّق بين الوزراء ويعطي التوجيهات العامة لضمان حسن سير العمل ويعقد جلسات عمل مع الجهات المعنية في الدولة بحضور الوزير المختص، ولم يعطه لرئىس مجلس النواب فكيف يصحّ تجاوز الدستور بهذا الشكل الاّ اذا تحوّلت الدولة الى مجلس طائفي ومذهبي يتحكم بها كما يشاء.
* * *
الهدف من اثارة هذا الامر عدم تحقيق سابقة، تنسحب على جميع الاعمال والمشاريع الاخرى كأن يأتي وزير الزراعة مثلا، ويتفاهم مع مسؤول كبير او قيادي نافذ على خطة لاستبدال السيارات العاملة على البنزين بأخرى تعمل على الغاز او المازوت، او غير ذلك واستبعاد رئىس الجمهورية – اذا انتخب رئىس – او رئىس الحكومة او الوزير المعني بالامر او مجلس النواب اما اذا كانت الضرورات تبيح المحظورات كأن ينتج عن التوافق النفطي تسهيل انتخاب رئىس فمغفورة لكما خطاياكما هذه المرة على امل ان يعيد الرئىس المقبل الاعتبار للدستور اللبناني الذي تحوّل في ظل هذه الطبقة السياسية الحاكمة الى وجهة نظر لا غير وكأن المطلوب تثبيت القول بأن لبنان الكبير ليس سوى غلطة تاريخية.