IMLebanon

اليونان ولبنان حالتان مختلفتان

يصر بعض أصحاب الاختصاص في علم الاقتصاد وبعض من يشعرون بالقدرة على التحليل انطلاقاً من قناعات ايديولوجية، على أن ما واجه اليونان سيواجه لبنان، وان المعطيات متشابهة على صعيد حجم الدين العام بالنسبة الى الدخل القومي في البلدين وتفشي ممارسات الرشوة والاعتماد المفرط على عطاءات الدولة.

لقد رضخت اليونان لشروط الاوروبيين وصندوق النقد الدولي. ومن أهم الشروط القاسية التي قبل بها رئيس الوزراء اليوناني، وحصل على موافقة مجلس النواب عليها، رفع معدل الضريبة على القيمة المضافة من 13 في المئة الى 23 في المئة، ورفع سن التقاعد الى 67 سنة لتمديد استحقاقات نهاية الخدمة، واخضاع خدمات الجزر اليونانية التي تستقبل العدد الاكبر من السياح للضريبة على القيمة المضافة.

لا شك في ان هذه الشروط قاسية، ولم يكن من مجال لقبولها لولا تلويح وزير المال الالماني باقتراح لإخراج اليونان من منطقة الاورو لمدة خمس سنوات. وهذا الاقتراح الذي قدمه على ورقة واحدة في اجتماع وزراء المال للاتحاد الاوروبي ظهر وكأنه يهدد استمرارية الاورو كوحدة نقدية لـ19 دولة من اعضاء الاتحاد.

ومعالجة موضوع اليونان كما انجزت القت بأثقال كبيرة على هذا البلد، وفي الوقت نفسه فرضت اعادة النظر في الشروط المفروض توافرها لاستمرارية منطقة الاورو، وهذه العملية تطالب بها فرنسا وايطاليا، في حين تبدو بريطانيا التي لم تدخل هذه المنطقة كأنها الانجح على صعيد تحقيق معدل النمو بين دول الاتحاد، في ما عدا اسبانيا التي حققت نموًا بمعدل 3.3 في المئة عام 2014.

الفروقات بين الوضع في لبنان والوضع في اليونان كبيرة. هنالك بالتأكيد ممارسات للرشوة والنفوذ في لبنان تضاهي ما يشهده المراقب في اليونان، والدين العام في لبنان على تصاعد وقد نقرب من مستوى الدين العام الى الدخل القومي في اليونان الذي بات مع الاتفاق الأخير على مستوى 200 في المئة بينما هو في لبنان حتى تاريخه على مستوى 145 في المئة.

أهم ما يميز بين البلدين أربعة مؤشرات وممارسات.

القطاع المصرفي

مجمل الودائع في المصارف اليونانية في بلد عدد سكانه 12 مليون نسمة يبلغ 120 مليار أورو، بينما يبلغ حجم ودائع والمصارف اللبنانية في لبنان وخارجه 140 مليار أورو. المصارف اليونانية هي في الواقع مفلسة حسابياً، فديونها للمصرف المركزي الاوروبي والمفوضية الاوروبية تبلغ 88 مليار أورو، تضاف اليها ثلاثة مليارات من المليارات السبعة التي توافرت لليونان. كما ان صندوق النقد الدولي، الذي وفت اليونان ديونه المستحقة عليها من المليارات السبعة، يقدر ان انقاذ المصارف اليونانية سيوجب ضخ 25 مليار اورو اضافية لهذه المصارف لتعيد رسملتها، ولكي تتمتع بحيز من السيولة لتمويل المستوردات وانجاز التحويلات.

وقبل نهاية هذه السنة، ستوازي أعباء المصارف اليونانية 116 مليار أورو اي ما يعادل تقريباً مجموع ودائعها. ونسبة الديون المشكوك في تحصيلها هي 40 في المئة لدى هذه المصارف.

في المقابل، ليست المصارف اللبنانية مدينة لأي طرف والسيولة الفائضة في القطاع المصرفي تزيد على 30 مليار دولار، والديون المشكوك في تحصيلها تبلغ نسبتها 4 في المئة فقط.