IMLebanon

«الخسّة… كبرت كتير في رأسك»

 

هذا لا يجوز! وليس ما يبرّر الكلام الذي صدر عن الوزير جبران باسيل بأي شكل من الأشكال… ومهما كانت الأزمة مشتدّة وتداعياتها متفاقمة فليس مسموحاً أن يبلغ الخطاب ما بلغه في أقوال باسيل.

 

أن نقول إنّها غلطة؟ إنّها أكبر، إنّها «فِعلة» مرفوضة جملة وتفصيلاً وفي كل وقت، كم بالحري في هذه المرحلة التي تبدو النفوس مشحونة بما تنضح به وسائط التواصل الاجتماعي، فدور القيادات هو وأد الفتنة وليس تأجيج نيرانها وبالذات من قِبَل الذين هم في المسؤولية.

لقد «كبرت الخسّة» كثيراً في رأس جبران باسيل، وها هو يتصرّف على طريقة «أنا أعمى ما بشوف»، ولكن المسألة أنّه يرى جيداً، بل يدّعي أنه يرى ما لا يراه الآخرون، ويريد أن «يتشاوف» ويظهر للرأي العام بأنّه «حامي الحمى».

بداية ليس هناك من حِمى بحاجة الى حماية، فالدنيا كانت (ونأمل انها لا تزال) بألف خير، وإذا كان من أخطاء وأخطار فالسبب يعود الى الرؤوس الحامية التي آن لها أن تعرف حدّها فتقف عنده وتوقف هذا التحريض وتلك السموم كتلك التي تضمنها كلام جبران باسيل.

وإذا كان جبران باسيل يجهل أنّ أقواله ستمر وكأنها لم تكن فتلك مصيبة وإن كان يعرف التداعيات، سلفاً، فالمصيبة أعظم، إذ في الحالين هو لا خطأ يلامس الخطيئة.

لقد تمادى جبران باسيل كثيراً، وبلغ به التمادي حدّ التفلّت من أي ضوابط، وإذا كان يخطر في باله أنّ هذا التصعيد الكلامي سيزيد من حظوظه في حصد الأصوات فندعوه الى تكليف مَن يتوجّه الى الناس ويسألهم رأيهم في مسلسل تصرفاته عموماً، وآخرها هذا التهجّم الجاني على الرئيس نبيه بري الذي يشكّل ليس فقط أحد أبرز أعمدة الوطن وقياداته السياسية، إنما كذلك أحد أبرز أعمدة التهدئة والرزانة والوحدة الوطنية في هذا الوطن المنكوب بأمثال جبران باسيل.

ثم ما هذه الفوقية التي يتحدّث بها هذا الوزير في مناسبة ومن غير مناسبة؟!. مَن يظن نفسه؟ وكيف يأذن لنفسه أن يتحدّى المنطق الوطني والمعادلات الوطنية والتوازن الوطني؟!.

وهل يصدّق جبران باسيل نفسه أنّه قادر على هذه المواجهة؟ وهل يعتقد ولو للحظة واحدة أنّ المسيحيين اللبنانيين سيدعمونه في هذه المواقف التي يتعذّر وصفها سوى أنها مجموعة من البطولات الفارغة؟!.

لقد كان الرئيس نبيه بري قد بادر الى التقدّم بمقترحات من شأنها أن تخفّف من وطأة الأزمة المستفحلة، واتخذ مبادرة، عبر الوزير وليد جنبلاط، من شأنها أن تفتح كوةً على الحل، وأقلّه أن توقف التفاعل السلبي تمهيداً للحل… وكان الرئيس سعد الحريري قد تلقف تلك المبادرة (وهو ما أكده أمس لجهة القيام بدور مبادر)… فجاء كلام جبران باسيل ليعيد الأزمة الى نقطة الصفر.

فهل هذا ما يريده جبران؟ وهل هذا الموقف الذي لا يمكن وصفه سوى بالصبياني يمكن أن يمرّ من دون أن ينعكس سلباً على العهد أولاً وعلى الوطن برمته ثانياً؟

إننا نعوّل كثيراً على دولة الرئيس نبيه بري الذي نعرف مدى وطنيته  وحرصه على لبنان ووحدته الوطنية لكي يضبط ردود الفعل العفوية التي تصدر عن جمهوره العريض الذي انتفض رفضاً لما قاله جبران باسيل… كما نعوّل على فخامة الرئيس العماد ميشال عون ليبادر من جهته ليس الى المواقف الضابطة شعبياً وحسب، بل خصوصاً ليضبط الوزير باسيل ويضع حداً لهذه العنجهية السخيفة التي يمارسها والتي لم تأتِ إلاّ بالمردود السلبي الذي تصيب شظاياه العباد والبلاد خصوصاً العهد وسيّده.

عوني الكعكي