Site icon IMLebanon

برغم فشل الهجوم البرّي تراجع نتنياهو يعني خسارته المعركة

 

لبنان «وقع في فخ» رفض وقف إطلاق النار ولا فرص للتفاوض

 

 

منذ أن فجّر رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مبادرة الدول العشر في الأمم المتحدة لوقف اطلاق النار في لبنان وغزة أواخر أيلول/سبتمبر الماضي برغم موافقة حزب لله على المبادرة، كان واضحاً انه يتّجه الى تفجير المنطقة بكاملها انطلاقاً من لبنان، فقام «بترييح» جيشه في جبهة غزة ونقل 4 فرق منها ومن الضفة الغربية عدا «وحدات النخبة» الى جبهة الجنوب، ووَضَعَ «سيناريو» دقيقاً لكيفية تفجير الوضع على نحو واسع توّجهُ بإغتيال الأمين العام لحزب لله السيد حسن نصر الله، واستكمله بغارات تدميرية مُمَنهجة لمناطق الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع، وعمليات اغتيال لبعض القادة الكبار السياسيين والعسكريين في حزب لله والحرس الثوري الإيراني، وهو الآن يُمهّد لرد الضربة الى إيران، كونها الوسيلة الأسهل وربما الأنجع برأيه لجرّ إيران الى المواجهة على أمل تدخّل الولايات المتحدة الأميركية فيها لحسم الأمور لمصلحته.

أما لماذا فشلت مبادرة الدول العشر لوقف الحرب والتي أعلنها بيان رئاسي أميركي – فرنسي (بايدن وماكرون) بموافقة ثمانِ دول عربية وغربية، فالجواب كما قال مصدر حكومي لـ «اللواء»: ببساطة… لقد رفضها نتنياهو… فماذا يفعل لبنان أكثر مما فعله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد لله بو حبيب في الأمم المتحدة وفي اللقاءات مع الدبلوماسيين الغربيين والعرب؟ لقد وقعنا في الفخ وعلقنا به، إذ لم يعد من مخرج أو ضوء في نهاية النفق يشير الى ان ثمّة فرصاً جديدة لإعادة الحوار والتفاوض حول وقف اطلاق النار، وبات التراجع عن التصعيد خسارة سياسية وعسكرية لإسرائيل لا يمكن أن تقبلها.

 

ولا بد من الإشارة الى ان اغتيال السيد حسن نصر لله تم وكان نتنياهو ما زال في الأمم المتحدة يتواصل مع الأميركيين وغيرهم، وقطع زيارته بعد إلقاء كلمته وعاد الى فلسطين المحتلة لمواكبة التطور الجديد وقيادة عمليات تصعيد العدوان، وقد دعمت الإدارة الأميركية توجهاته بالتصعيد ضد لبنان على أمل الخلاص من حزب لله أو على الأقل الخلاص من كل قياداته وإضعاف قدراته العسكرية الى الحد الأدنى الممكن، بحيث يصبح الحزب – حسب رأيهم – قابلاً للتنازل عن شروطه لوقف اطلاق النار والقبول بما تطرحه الإدارة الأميركية وإسرائيل من شروط وما تريدانه من ضمانات لأمن الكيان الإسرائيلي وإعادة مستوطنيه الى مناطقهم آمنين، على حساب دماء آلاف اللبنانيين ودمار القرى والمناطق السكينة التي فرغت من أهلها.

 

على هذا، فإنّ زعم الإدارة الأميركية «بصداقة أميركا للبنان والحرص على استقراره» كانت على المحك، وسرعان ما ظهر زيفُها في الأيام القليلة الماضية التي تلت إسقاط مبادرة الأمم المتحدة، بحيث ان مصادر دبلوماسية أكدت لـ «اللواء» الاستياء الفرنسي والعربي من المراوغة الأميركية، وان الدعم السياسي والعسكري الأخير للكيان الإسرائيلي بالقنابل الثقيلة مكّنه من تصعيد العدوان التدميري على مناطق لبنانية. وقد عبّر المسؤولون الأميركيون وغيرهم من دول أوروبية، عن هذا الدعم السياسي لقرار نتنياهو بإستعمال المفردة الممجوجة «حق إسرائيل بالدفاع عن النفس وإراحة العالم من نصر لله»، حتى أن فرنسا برغم استيائها عبّرت أمس الأول بلسان ماكرون عن دعمها «لأمن إسرائيل وحقها بالدفاع عن النفس في ضوء القانون ومبادئ حقوق الإنسان»، برغم انه دعا «للكف عن تسليح إسرائيل» فردّ عليه نتنياهو موبّخاً ومستخفّاً بقوله لماكرون «إسرائيل سوف تنتصر بوجودكم أو بدونكم، وسوف يستمر عاركم لفترة طويلة بعد انتصار إسرائيل»…

هذا الدعم للتصعيد منع نهائياً الحديث عن أي مفاوضات لاحقة، وأطاح المساعي لوقف اطلاق النار، وعادت الكلمة للميدان كما ظهر بشكل خاص بعد التوغل البرّي الإسرائيلي في قرى جنوب لبنان الأمامية.

ويبدو من التقارير الميدانية عن محاولات التوغّل البري الإسرائيلي، ان العملية ستطول خلافاً لما أعلنه الإسرائيليون والأميركيون بأنها ستكون محدودة ولمدة قصيرة، لكن البنتاغون الأميركي أعلن لاحقاً ان إسرائيل لن تخرج من الأراضي اللبنانية التي ستحتلها قبل تحقيق أهدافها، إلّا أن الأيام الستة الأولى منذ بدء محاولات التسلل الى بعض القرى، أظهرت عدم قدرة «قوات النخبة» على احتلال ولو قرية واحدة، نظرا لضراوة المواجهة والقدرة النارية الكثيفة للمقاومة لا سيما الصاروخية منها.

وتبعا لمصادر عسكرية، متابعة لم يعد من وسيلة لدى قيادة الاحتلال لتحقيق أهدافها سوى مواصلة محاولات احتلال شريط من الأراضي اللبنانية، ومن دون احتلال هذا الشريط لا يمكن لإسرائيل أن توقف اطلاق النار، وستواصل العدوان الجوي التدميري على المناطق اللبنانية، علّ ذلك يسهم في الضغط على حزب لله لوقف عملياته أو على الأقل تخفيفها الى الحد الأدنى، وهو الأمر الذي لا يمكن نجاح مراهنة إسرائيل عليه لسببين: أولا، ان حجم الدمار وصل الى الحد الأقصى تقريباً والمزيد منه لن يقدم أو يؤخّر في الاستغلال السياسي، وثانياً، ان المقاومة بعد كل الذي جرى لا يمكن أن توقف معركتهاً «دفاعاً عن لبنان وشعبه» حتى توقف العدوان كما تقول في بياناتها العسكرية، وأمام ذلك بات نتنياهو أمام مأزق جديد لا يستطيع الخروج منه.