Site icon IMLebanon

مجموعة «بدّنا حقوقنا» الطرابلسية تريد التقسيم!

  

منذ بداية كانون الأول الماضي، يعتصم كلّ يوم أحد مجموعة من الطرابلسيين في المدينة. هم مجموعة من قرابة الـ60 شخصاً، يُمثلون بشكل عام العائلات الطرابلسية من الطبقة المتوسطة، قرّروا الاعتراض على الوضع القائم، ودعوة بقية الطبقات الاجتماعية للانضمام إليهم. طرحهم حدوده طرابلس وحاجاتها

 

ألهمت «السترات الصفراء» الفرنسية فئة من اللبنانيين لتنظيم تحرّكات يُدعى إليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. التظاهرة التي نُظّمت في بيروت، في 23 كانون الأول، وجرت مواكبتها باعتصامات مناطقية في طرابلس والجنوب، تصبّ في هذا الإطار. العنوان العريض الذي يدفع بالناس إلى الشارع، هو تردّي الأوضاع الاقتصادية. تحت هذا العنوان، يكاد كلّ فرد يرفع شعاراً خاصاً به، من دون وجود برنامج عام واضح مع خطّة طريق مُفصّلة، بسبب غياب أي إطار تنظيمي لتحركات الشارع. بعد تظاهرة 23 كانون الأول، عُلّقت التظاهرات «العفوية» مركزياً، ولكنّها بقيت مُستمرة في عاصمة الشمال. الوقفات الاحتجاجية في طرابلس، انطلقت منذ بداية كانون الأول، تحت تسمية «بدّنا حقوقنا». المُشاركون يتحضرون الأحد المقبل لتنظيم وقفتهم الاحتجاجية السادسة. وفي العاضر من الشهر الجاري، اجتمعوا لمناقشة الوثيقة التي سيعتمدها التجمّع. من هم هؤلاء الأفراد المُلتزمون بموعد بالنزول إلى الشارع كلّ أحد عند الساعة 11 قبل الظهر، حتى ولو كانت الأحوال الجوية سيئة؟

في أحد مطاعم منطقة «الضمّ والفرز» في طرابلس، يجلس الدكتور فوزي الفرّي ويَمِن الخطيب وسلافة الحاج كبارة، المُنتمون إلى التجمّع. يُخبر الفرّي أنّ الشرارة أشعلها عضو المجلس البلدي المُستقيل يحيى فتّال (ترّشح إلى الانتخابات البلدية على اللائحة التي دعمها الوزير السابق أشرف ريفي)، «باتخاذه قرار النزول إلى الشارع والاعتراض. دعينا الناس على وسائل التواصل الاجتماعي، وكانت الأهداف عفوية. ومع الوقت، أصبح هناك حركة ثابتة إصرارية». خلقت مجموعة على تطبيق «واتساب» للتواصل بين بعضهم البعض، وتضمّ قرابة الـ60 شخصاً، «يُشاركون في الاجتماعات العامة. وهناك مجموعة مُصغّرة من 25 فردا». ويُضيف الفرّي أنّهم «من كلّ الانتماءات، ولكنهم اتفقوا على أنّ العقد الجماعي الموجود حالياً لم يعد يجمعنا، وأنّنا مواطنون نُتمم واجبات من دون حقوق». أما «حزب سبعة»، فيُشارك أفراد منه في الوقفات الاحتجاجية. إلا أنّ الاعتصامات التي تُنظمها هذه المجموعة مُنفصلة عن التظاهرات التي تُنظّمها الأحزاب الوطنية واليسارية والمجموعات غير الحزبية. يتّخذ الفرّي موقفاً مُعارضاً «لكلّ المنابر السياسية، سواء أكانت تابعة للسلطة أو معارضة لها».

 

يتبنى التجمّع اللامركزية الإدارية بطريقة أقرب إلى الفدرالية

 

يزعم الفرّي أنّ الطرابلسيين «شاركوا في البداية للتضامن، بعدها ترّسخ إيمانهم بالأهداف». فعلى حدّ تعبير يَمن الخطيب، الفساد «ينخر في كلّ مؤسسات الدولة، التي انهارت، والضرر سيلحق الجميع». كلام الفرّي والخطيب، غير ملموس في الشارع. فعدد المُشاركين في التحركات الخمسة السابقة، لم يتعدَّ الـ60 شخصا، في مدينة يفوق عدد سكّانها الـ600 ألف نسمة، مع وجود إحصاءات تُبيّن نسبة مرتفعة جداً من الفقر. تُعدّ طرابلس من أكثر المناطق التي جار عليها النظام، والأكثر تضرّراً من السياسات الاقتصادية. إذاً الأرضية مُلائمة لأن يُطالب الطرابلسيون بحقوقهم، ويُشاركوا في التحركات المطلبية. على مدى خمسة أسابيع، لم يحصل ذلك. تُقرّ سلاف كبارة أنّ «العالم ملّت، ولكن لا يُمكن أن نيأس لأنّ هذه مدينتنا وأولادنا». أما بالنسبة إلى يَمِن الخطيب، فإنّ «الفقير ممسوك من قبل ممثلي السلطة بلقمة عيشه. لذلك، الطبقة الوسطى هي المُحرّك للتجمّع». النقطة الأخيرة، سهّلت تسويق «خبرية» في الشارع الطرابلسي أنّ «بدنا حقوقنا» هو تجمّع «برجوازي»، يُحرّكه أفراد «كانوا مسؤولين في تيار العزم، أو مُقرّبون من تيار المستقبل وأشرف ريفي، أو في فريق عمل النائب السابق مصباح الأحدب». إضافةً إلى انضمام «كلّ المنتفعين السابقين من مكاتب السياسيين، قبل أن تُقفل حنفية الخدمات بعد الانتخابات». يردّ فوزي الفرّي، الذي ترّشح إلى رئاسة المجلس الوطني لمستقلي 14 آذار ضدّ الراحل سمير فرنجية، بنفي التُهم الموجهة، مؤكداً «وجود أشخاص من الأحياء الشعبية»، مع الإصرار على أنّ التجمّع «يُمثّل الـ70% الصامتة التي لم تُشارك في الانتخابات النيابية».

طرابلس وحاجات أهلها، هي المُحرّك الرئيسي للتجمّع، ما سمح بإخراج أرنب «اللامركزية الإدارية»، وتبنّيها من قبل «بدّنا حقوقنا»، لكن بطريقة أقرب إلى الفدرالية. يقول الفرّي إنّ «اللامركزية أساس لإنهاء التسلط، وستكون طرابلس، بعد توسيع سلطة البلديات، أكثر المستفيدين من تطوير مرافقها الحيوية». إلى هنا، يبدو الكلام «معقولاً»، رغم كونه غير دقيق لجهة التعويل على الفيدرالية في منطقة قد تكون الأضعف اقتصادياً في لبنان. ولكن، لا يتأخّر الفرّي قبل الاستفاضة في الشرح، «بأنّ الفساد مرتبط بالصراع في البلد حول السلاح (المقاومة). البعض يُبرّر عدم إنهاء الفساد، بسبب وجود السلاح. للانتهاء من ذلك، نُقسّم المناطق كانتونات، فتتعطّل الخلافات والصراعات السياسية. إنّه شيء يُشبه الكونفدرالية»!

 

يتحضر المشاركون لتنظيم وقفتهم الاحتجاجية السادسة غداً

 

الوثيقة التي يطرحها التجمّع، فيها بنود عامة: إنتاج رأي عام ضاغط لتصحيح الفشل القائم، مراقبة أداء البلديات في طرابلس، انتاج مجتمع ديناميكي للوصول إلى المواطنة الحقيقية، إنماء طرابلس وتفعيل مرافقها، فض الخلافات والصراعات القائمة ونشر ثقافة السلام والأمن والأمان، تأهيل الكوادر البشرية لخلق فرص عمل، إعادة إنتاج هوية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياحية وعمرانية لطرابلس، العمل على إعداد قيادات جديدة من الجيل الشاب… يسعى التجمّع إلى تحقيق أهدافه «بالاعتراض والاعتصام وفضح الأمور. وممكن أن نصل إلى تنظيم اضراب عام في المدينة». لا يهدف التجمع إلى الاطاحة بالسلطة القائمة أو التغيير الشامل، بل إصلاح المؤسسات. يقولون إنّ «الشعارات التي نطرحها في الاعتصامات، ستكون سلّة المطالب التي نُقدّمها إلى الحكومة، حتى يكون لدينا طرح بديل ولا نبقى عشوائيين». بالنسبة إلى الفرّي، هذه الطريقة، «تؤمّن استمرارية التجمّع».