IMLebanon

هل ما يُدبّر تحت طاولة التحرّك الشعبي؟ شكوك تتعاظم حول أجندة داخلية – إقليمية

ثمة اقرار بأمرين يكاد يجمع عليهما السياسيون من مختلف الاتجاهات: احدهما ان التحرك الشعبي الذي انطلق في ساحة رياض الصلح بسبب موضوع النفايات هو موضوع محق بحيث تسابق واضطر الجميع الى تبني الصرخة التي اطلقها الناس ولو صاحبها استغلال سياسي وترهيب امني فضلا عن ترهيب شارعي من بعض الجهات حاولت توظيف التظاهرات المطلبية اما من اجل تخريب وسط العاصمة او من اجل توجيه رسائل سياسية في اتجاهات معينة. ويقول احد الوزراء بان القضية محقة في حين ان محاميها كان فاشلا نتيجة خطأ تداخل الشعارات ببعضها وتضييعها عن اهدافها فضلا عن سوء التنظيم الذي ادخلها في متاهات حساسة. والاقرار الآخر ان الحكومة ارتكبت اخطاء جسيمة في فترة زمنية قصيرة جدا لا تتعدى الايام القليلة ان في مقاربة ملف النفايات التي اظهرت فيه تخبطا وعشوائية لا تختلف عن تخبط المتظاهرين في ساحة رياض الصلح او في الملف الامني المتصل بهذه التظاهرات. يضاف الى تخبطها في الخلافات السياسية بين مكوناتها تحت عناوين دستورية تتصل بآلية مجلس الوزراء في حين ان المطالب الحقيقية في مكان آخر ولو ان موضوع الآلية بات عنوانا خلافيا انضم اليه “حزب الله” تضامنا مع حليفه العوني. وهذا لا يخفي تخبطا في المقابل في كل من فريقي 14 و8 آذار ولو تم السعي الى لملمته نسبيا في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء بتضامن المردة والطاشناق الى جانب “حزب الله” مع التيار العوني في مقاطعة الجلسة الاخيرة. في حين برز فاضحا تخبط كتلة المستقبل في المساعدة لمعالجة موضوع النفايات وارسالها الى منطقة عكار ما استفز نوابها اعضاء الكتلة الذين تصرفوا بدورهم بانفعال بالغ.

على رغم انطلاق مساع في اليومين الاخيرين لإيجاد تسويات تحفظ ماء الوجه للجميع وتستوعب مطالب التيار العوني فتحول دون مساعيه لتوظيف موجة التظاهرات المدنية المرتقبة يوم السبت ضد ما يقول انها “الاكثرية الحاكمة” وكذلك مساعي الحزب الذي تعهد بدعم حليفه في الشارع ولو انه يعلن حرصه على عدم سقوط الحكومة، لا اطمئنان فعلياً او كلياً الى عدم وجود نيات مضمرة او اجندات خفية محلية واقليمية من وراء التظاهرات المرتقبة. فالدلائل كانت كثيرة وواضحة أظهرت تورط افرقاء متصلين بفريق 8 آذار ولو نفى الحزب ذلك في محاولة استفزاز القوى الامنية ومحاولة اشعال وسط بيروت. ينطلق السؤال البديهي بالنسبة الى اصحاب الشكوك من واقع الى اين يريد “حزب الله” وحليفه العوني الوصول في هذه التظاهرات؟ هل هي للضغط على الحكومة بسبب المراسيم التي وقعت ام هي تغيير الآلية المعتمدة في مجلس الوزراء او الى ما قد يدفع بالرئيس تمام سلام الى عدم القبول به ما يؤدي الى استقالته ما يفتح الباب امام احتمالات مختلفة ؟ فاذا كان من هدف حقيقي لتظاهرات يستفيد منها من قوة حليفه في الشارع فانما يفترض ذلك وجود هدف اكبر ليس بالتأكيد الفوضى الشاملة بل قد يكون محاولة الضغط من اجل انتخاب عون رئيسا بعدما يئس من امكان التوافق سياسياً على انتخابه وتالياً السعي الى قلب الطاولة من اجل محاولة تحقيق ذلك وانتزاعه قسرا تحت وطأة ضغوط دولية تمارس من اجل منع الذهاب الى فوضى كبيرة. في موازاة ذلك ليس خافيا الربط الذي تحدثه مصادر عدة بين ما يجري في المنطقة وانعكاسه على لبنان وحتى بين ما يجري في ايران نفسها بين التيار المتشدد والتيار الاقل تشددا الممثل بالرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف الذي زار لبنان اخيرا. فلبنان من ابرز من يعاني من كل العوارض التي تلم بدول المنطقة وصراعاتها. ومع ذلك فان هناك من لا يستبعد على رغم الاعتقاد بجدية ان الحزب قد لا يكون في وارد الاعداد لعملية ما تحت الطاولة بذريعة المطالب التي يرفعها عون وصولا الى الشارع بدليل مساعيه مع بعض القوى السياسية لمحاولة اعطاء زعيم التيار العوني ما يساهم في استيعابه بان الثقة غير موجودة فعلا وان الشكوك في النيات مبني على التخوف من وجود اجندات اقليمية تستخدم لبنان ايضا من ضمن استخداماتها لساحات او دول اخرى. يسأل هؤلاء هل دينامية التظاهرات ستقتصر على ما يقوم به هذا الفريق ام يفسح المجال امام دينامية مقابلة قد لا تبقي الامور ممسوكة او من ضمن النطاق المقبول على غرار الاستعدادات في المناطق التي استفزتها الشعارات ضد رئيس الحكومة او محاولة التعدي على السرايا الحكومية؟

ولا يركن اصحاب هذه الشكوك كذلك الى مساعي بعض السفراء الى تهدئة الصراع السياسي القائم تحت عنوان اولوية الحفاظ على الاستقرار في هذه المرحلة والحرص على الحكومة. فالدول المؤثرة المنشغلة بأولويات اخرى لا يقع لبنان من ضمنها ومن السهل عبر التجارب التي عاشها لبنان ان تتغاضى عن امر واقع يفرض فجأة في حال لم يتخط حدوداً حمراً معينة خصوصاً ان المسألة ملتبسة ظاهرياً ولا تقع بين “حزب الله” وتيار المستقبل او بين 8 و14 آذار بل انها بين طرف يشكل رأس الحربة فيه ظاهراً فريق مسيحي مدعوم من “حزب الله” يتصدى لفريق اكثري عنوانه رئيس الحكومة والتيار الداعم له ويضم افرقاء مختلفين. ولكن الخشية الفعلية من ان لا تصح حسابات الحقل على حسابات البيدر احيانا.