IMLebanon

تنامي الشكوك حول جدوى الحوار وتزايد المخاوف من إستجرار إعتداءات إسرائيلية على لبنان

إنكشاف مشاركة «حزب الله» بالقتال من الجولان ضد إسرائيل لا يوقف الحوار مع «تيار المستقبل»

تنامي الشكوك حول جدوى الحوار وتزايد المخاوف من إستجرار إعتداءات إسرائيلية على لبنان

الغارة الإسرائيلية أوجدت واقعاً جديداً لا يمكن التغاضي عنه أو تجاوزه مهما تفنّن الحزب وتوابعه في تبريره

في الوقت الذي كانت فيه الأجواء الداخلية ساكنة نسبياً بفعل إنطلاق الحوار الثنائي بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» والتحضير المتواصل لانطلاق الحوار بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، جاءت الغارة الاسرائيلية التي استهدفت مجموعة من الحزب «والحرس الثوري الإيراني» بينهم قياديون بارزون من الطرفين، بمكانها خارج الأراضي اللبنانية وبحصيلتها البشرية المرتفعة، لتُحدث نقزة قوية في الوسطين السياسي والشعبي وتطرح العديد من التساؤلات عن تداعياتها المحتملة، إن كان على مسار العلاقات السياسية المترجرجة في الأساس بين كافة الأطراف السياسيين مع استمرار التعطيل المتعمّد من قبل الحزب وتوابعه للانتخابات الرئاسية منذ الربيع الماضي، أو احتمال حدوث ردود فعل قد تجرّ لبنان الى مواجهة عسكرية جديدة مع اسرائيل شبيهة بما حدث في حرب تموز 2006، توظف لمصالح ومخططات النظام الإيراني وعلى حساب لبنان ومصالح شعبه.

وأكثر التساؤلات التي تطرح في ضوء الغارة الاسرائيلية على الجولان عن تأثيراتها المحتملة على مسار الحوار الجاري حالياً بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» على وجه الخصوص، وعما إذا كان هناك من جدوى لاستمرار مثل هذا الحوار في ضوء توسع تدخل الحزب عسكرياً في سوريا، ليس بالقتال إلى جانب نظام الأسد فقط كما كان الأمر سائداً منذ أكثر من سنتين، بل باتجاه العدو الاسرائيلي من جبهة الجولان وانطلاقاً من لبنان ومدى المخاطر المرتقبة لهذا التدخل على اللبنانيين عموماً في حال لم يتم وضع حدٍّ له واستمر على وتيرة مرتفعة في الأيام المقبلة؟

 لا يُخفي معظم السياسيين من معارضي تدخل «حزب الله» بسوريا وممارساته الترهيبية بالداخل اللبناني استياءهم من تمدد الحزب عسكرياً لمواجهة إسرائيل انطلاقاً من الاراضي السورية تحت أي ذريعة كانت، كونه يخالف إرادة وتوجهات أكثرية اللبنانيين ويحصل بقرار انفرادي من الحزب ومتجاوزاً قرارات الحكومة والسلطة اللبنانية بأكملها، كما يحصل بتدخل الحزب عسكرياً إلى جانب النظام الاسدي لمنع اسقاطه على يد أبناء الشعب السوري الثائرين ضد ممارساته وارتكاباته الديكتاتورية والقمعية، ولانه يعرض لبنان لمخاطر جمّة هو في غنى عنها خصوصاً في هذه المرحلة التي تتعرض فيها المنطقة برمتها لتوترات وحروب متداخلة تأكل الأخضر واليابس معاً.

ويضيف هؤلاء السياسيين ان الغارة الإسرائيلية على مجموعة «حزب الله» و«الحرس الثوري الايراني» المشتركة اوجدت واقعاً جديداً لا يمكن التغاضي عنه أو تجاوزه مهما تفّنن الحزب وتوابعه في تبريره أو التخفيف من وطأته ومؤثراته السلبية، وهو وضع لبنان في دائرة مخاطر جديدة محتملة إضافة للمخاطر الناجمة اصلاً عن وجود السلاح المتنوع في ترسانة الحزب داخل الأراضي اللبنانية والتي تشكّل سبب الخلاف الأساسي بين اللبنانيين، كونه لا يخضع لسلطة الدولة ومتفلتاً من أي ضوابط ويستعمل ضد معارضي الحزب متى دعت الحاجة لذلك كما حدث عندما اجتاح الحزب بيروت في السابع من أيّار وغيرها من المناطق أو خلال استغلاله للسلاح للاستيلاء على السلطة وتنصيب حكومة موالية له بالقوة برئاسة نجيب ميقاتي نهاية العام 2010، ومن ثم عبوره للحدود للقتال إلى جانبه نظام الأسد، وحالياً ما تكشفت عنه الغارة الإسرائيلية من وجود مشترك مع الحرس الثوري الإيراني في الجولان السوري.

وفي اعتقاد هؤلاء السياسيين فان ذيول الغارة الإسرائيلية على الجولان وذيولها الأمنية والسياسية، أرخت بمفاعيل استياء واضحة على الداخل اللبناني، ولكنها لن تؤدي إلى وقف مسار الحوار الدائر حالياً بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» كما يتخوف البعض من ذلك، لأنه لا بديل للطرفين عن الحوار في المرحلة الحالية لأجل البحث عن مخارج حلول معقولة للمشاكل القائمة ولمواصلة التخفيف من وطأة التشنجات والصراعات والحروب الدائرة في العديد من الدول المجاورة في ظل الفراغ في سدة الرئاسة الأولى والفراغ السلطوي عموماً، بالرغم من معرفة الطرفين بصعوبة التفاهم على العديد من القضايا والمسائل الخلافية المطروحة في ظل التأزم في العلاقات الإقليمية واستمرار الحرب في سوريا وبمعزل عن تداعياتها ونتائجها.

ومن وجهة نظر هؤلاء السياسيين، فان مؤثرات الغارة الإسرائيلية على الجولان، أعطت المشككين بعدم جدوى فتح الحوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» حججاً إضافية ووقائع جديدة تدعم وجهة نظرهم باستحالة التزام الحزب بفحوى أي اتفاق او تفاهم مهما كانت ضمانته، مستندين إلى قرارات جلسات الحوار السابقة التي نفض الحزب يده منها وتملص من تنفيذ الحد الأدنى منها، مشبهين ما يمارسه الحزب حالياً بما حصل في تموز 2006، عندما كان يجلس وفد الحزب إلى طاولة الحوار برئاسة الامين العام شخصياً ويوافق على كل القرارات التي تم التوصّل اليها، في الوقت الذي كان الحزب يحضر لعملية عبور الحدود ويخطف الجنود الإسرائيليين وما استتبع ذلك من عدوان إسرائيلي استهدف لبنان ودمر خلاله البنى التحتية والدورة الاقتصادية وأدى إلى مقتل ما يقارب الألفي مواطن وعشرات الآلاف من المنازل.

وفي اعتقاد هؤلاء السياسيين إن ما حصل زاد من الشكوك حول النوايا المبيتة للحزب وقلص من عوامل الثقة التي تحققت في جلسات الحوار الثلاث بين الطرفين بالرغم من محاولات التخفيف من مفاعيل ومؤثرات الغارة الإسرائيلية الأخيرة وما كشفته عن تورط الحزب بالمشاركة مع الحرس الثوري الايراني انطلاقاً من الأراضي السورية وللسعي قدر الإمكان لفصل تداعيات ما حصل عن مسار الحوار الجاري والذي استغرق التحضير له وتذليل الصعوبات المرتبطة به أشهراً عديدة وجهوداً حثيثة لانطلاقه.