خلال حملته الانتخابية في 2008 ألزم المرشح باراك أوباما نفسه في حال انتخابه اتخاذ اجراءات وسياسات ذات علاقة مباشرة وغير مباشرة بمنطقة الشرق الاوسط من أبرزها انهاء حربي أفغانستان والعراق، والتحاور مع زعماء دول مثل ايران وسوريا، واقفال معتقل غوانتانامو السيئ الصيت خلال سنة، وفتح علاقة جديدة مع العالم الاسلامي. وبعد انتخابه وضع عملية السلام بين العرب واسرائيل في رأس أولوياته. وباستثناء الاتفاق النووي مع ايران، لا يستطيع أوباما ان يشير الى اي انجازات شرق أوسطية بارزة خلال سنواته العجاف .
الخطة التي قدمها أوباما الى الكونغرس لاقفال معتقل غوانتانامو رفضتها قيادات الحزب الجمهوري حتى قبل درسها. أوباما قال إنه لا يريد ان يورث خلفه عبء غوانتانامو، لكنه بالفعل سيورث الرئيس الجديد ما سمته صحيفة “النيويورك تايمس” أحد أكثر الفصول المعيبة في التاريخ الاميركي المعاصر”. واضافة الى غوانتانامو سيورث اوباما خلفه حربي أفغانستان والعراق، زائد حرب ليبيا. كما سيعطي اوباما الرئيس الجديد خطراً ارهابياً جديداً اسمه “الدولة الاسلامية” التي نجحت وحدها طوال قرن كامل في طمس الحدود السورية – العراقية. واذا ترك جورج بوش لاوباما فرصة للقضاء على تنظيم “القاعدة” بعناصره التي لم تكن تتجاوز بضع مئات انذاك، فان أوباما سيترك لخلفه فرصة مكافحة الالاف من عناصر “داعش” في العراق وسوريا واليمن وليبيا.
الجمهوريون في الكونغرس سيرفضون بت مصير غوانتانامو، كما سيرفضون حتى النظر في أي مرشح يطرحه أوباما لملء المقعد الشاغر للقاضي المحافظ انطونين سكاليا بعد وفاته. المرشحون الجمهوريون لمنصب الرئاسة يصرون على ابقاء غوانتانامو مفتوحا، وكما قال دونالد ترامب انه يريد ان يملأه مجدداً. شراسة المعركة الانتخابية الراهنة تعني ان المرشحين المتشددين هم الذين سيحددون نبرة التعامل مع الرئيس أوباما. نظرياً، يحق لأوباما بصفته الدستورية كقائد أعلى للقوات المسلحة اقفال أي منشأة عسكرية مثل غوانتانامو، الا ان ذلك سيؤدي الى حرب قضائية بين الطرفين قد تنتهي أمام المحكمة العليا، وقطعاً لن تحسم قبل انتهاء ولاية أوباما في العشرين من كانون الثاني 2016.
لا شك في ان أوباما يشعر بألم كبير لانه يدرك الآن انه لم يستطع تحقيق أي من أهدافه الكبيرة في الشرق الاوسط. العراق مرشح لانقسامات اضافية وربما انفصال الاكراد. في سوريا، انها حرب الجميع ضد الجميع. أما ليبيا، فانها وفقا لمصادر مطلعة اصبحت مصدر الرعب الجديد للمسؤولين الاوروبيين لقربها منهم، واحتمال تفككها أكثر. اخفاق اوباما في اقفال معتقل غوانتانامو بعد محاولات زادت عن سبع يرمز الى اخفاقه المدوي في منطقة الشرق الاوسط.