IMLebanon

حارس ..«الكوريدور» الفارسي

يفتخر قادة في «حزب الله» بـ «الإنجاز» الذي حقّقه «الحشد الشعبي» في مدينة الموصل في معركته مع تنظيم «داعش»، ويذهب هؤلاء في تحليلاتهم السياسية المبنية على أمنيات تتأرجح على حدّي الأحلام والأوهام، على تعزيز «قوس» النفوذ الإيراني وتمدده من طهران إلى بيروت بعد مروره بالعراق وسوريا ضمن خط برّي يتردد في أوساط الحزب أنه بات جاهزاً للإستخدام. وفي وقت يُطلق فيه البعض على هذا «القوس المعقوف» على السياسة الإيرانية والعسكرية، تسمية «الهلال الشيعي» أو «الهلال الفارسي»، يستخدم قادة الحزب مصطلح «الكوريدور» كدلالة منهم على تبجّحهم وعلى زهوة «الإنتصار».

أمس أعلن «الحشد الشعبي» المعروف بأنه ذراع «الحرس الثوري الإيراني» في العراق، التمسك بالسيطرة على طريق بغداد دمشق، وأنه لن يسمح بأي فيتو أميركي أو غيره بالتخلي عما حققه. وأعلن نائب رئيس الحشد «أبو مهدي المهندس» أن «الإنجازات التي حققناها في الموصل، سمحت لنا بتحقيق اتصال مباشر مع قوات الأسد وحزب الله بعد استعادة معبر الوليد الحدودي مع سوريا». وعلى الموجة ذاتها، لاقت وكالة «فارس» كلام «المهندس» بالقول خلال تقرير خاص لها، أن «إيران ماضية بإكمال مشروع الممر البري الذي يوصلها إلى شواطئ المتوسط». وعلى منوال التقسيم والتفتيت نفسه في المنطقة، لفتت وكالة «مشرق» الإيرانية، إلى أن «الطريق البري بين طهران ودمشق وبيروت قد اكتمل مع سيطرة إيران وحلفائها على النقاط الحدودية الجديدة عبر الحدود السورية – العراقية».

تبريرات «حزب الله» للأسباب التي جعلته جزءاً لا يتجزّأ من المشروع الفارسي في المنطقة ورأس حربة فيه، لا تُقنع القريب ولا البعيد، خصوصاً وأنها تبريرات أو حجج واهية لا أصول لها لا في الفكر السياسي المُعاصر، ولا على أرض الواقع. الحزب يعتبر أن لبنان معني بشكل رئيسي وأساسي، في مكافحة المشروع الأميركي – الاسرائيلي، كونه جبهة متقدمة جداً. وأكثر من ذلك، ثمة تحليلات داخل منظومة الحزب السياسية، تعتبر أن «التكفيريين» هم صناعة غربية وبأنهم أُوجدوا لمحاربة الوجود الشيعي في ايران والعراق ولبنان. لكن من يرجع إلى خطابات الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله المتعلقة بمشروع تنظيم «القاعدة» وأن «داعش» هو امتداد لهذا التنظيم، يُمكنه أن يدحض هذه التوجسات أو التحليلات من باب أن «القاعدة» لم يتبنَّ طيلة فترة وجوده أي عمل أمني أو عسكري لا ضد إيران ولا ضد «حزب الله». واليوم السؤال نفسه يُوجّه إلى حلف «الممانعة» كلّه، عن الحروب التي يخوضها ضد «داعش».

كما هو معروف، فإن مُصطلح «الهلال الشيعي»، هو تسمية سياسية استخدمها الملك الأردني عبد الله الثاني، في تصريح لـ «واشنطن بوست» أثناء زيارته للولايات المتحدة في أوائل كانون الاول عام 2004، يومها عبّر فيه عن تخوّفه من وصول حكومة عراقية موالية لإيران إلى السلطة في بغداد تتعاون مع طهران ودمشق لإنشاء هلال يمتد إلى لبنان. وهذا المشروع، عبّر عنه مسؤولون كبار في «الحرس الثوري الإيراني» من خلال مشهد كانت بثّته شاشات التلفزة الإيرانية لقائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني الاسبوع المُنصرم، وهو يجول على نقاط بالقرب من معبر «التنف» عند الحدود السورية – العراقية، متوسطاً ضبّاطاً وعناصر من ميليشيات «فاطميون» الأفغانية. والأمر نفسه أعلنه زعيم ميليشيات «عصائب أهل الحق» العراقية، قيس الخزعلي، في خطاب كشف فيه هدف المحور الإيراني بتشكيل «بدر شيعي» بعد اكتمال «الهلال» في المنطقة. وقال: «في المستقبل ستكون الفرق القتالية قد اكتملت وذلك بالتنسيق بين الحرس الثوري الإيراني وجماعة الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق».

الشهر الماضي، أعلن التحالف الدولي أنه «وجه ضربة جديدة لقوات حليفة للجيش السوري قرب التنف في منطقة غير بعيدة من الحدود العراقية والاردنية»، مشيراً إلى أن «المجموعة المستهدفة كانت مؤلفة من أكثر من ستين مقاتلاً مزودين بدبابة ومدفعية وكانت تشكل تهديداً لقوات التحالف الموجودة في التنف». «حزب الله» الذي تكتم عن الضربة ولم يُدلِ بأي تصريح حولها، كشفت عمليات تشييع عناصره التي حصلت في أكثر من بلدة لبنانية خلال الأيام التي تلت الضربة، بأن العملية استهدفته هو. وأكثر من ذلك، فإن الضربة هذه لم تردعه أو تحدّ من وجوده في تلك النقطة، بل قام على أثرها بإرسال 3 آلاف مقاتل إلى التنف لتثبيت «الكوريدور» وتحصينه من أي اختراق مهما كبر حجمه أو صغر، حتى ولو أدى الأمر في وقت لاحق، إلى وقوع معركة مباشرة بينه وبين القوّات الأميركية المُسلّحة المتواجدة في تلك المنطقة.

في ظل التساؤلات العديدة التي تُطرح حول دور «حزب الله» في المنطقة ولبنان على وجه التحديد، ومدى انصياعه للمشروع الإيراني وصولاً لتحوله إلى ذراع عسكري أساسي لـ «الحرس الثوري الإيراني» في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان، يُمكن الركون إلى البيان التأسيسي للحزب المنشور ضمن الرسالة المفتوحة «من نحن وما هي هويتنا؟» الذي يقول «إننا أبناء أمة حزب الله التي نصرالله طليعتها في إيران وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم. نلتزم أوامر قيادة واحدة حكيمة تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائط. كل واحد منا يتولى مهمته في المعركة وفقاً لتكليفه الشرعي في إطار العمل بولاية الفقيه القائد. نحن في لبنان لا نعتبر أنفسنا منفصلين عن الثورة في إيران. وندعو الله أن نصبح جزءاً من الجيش الذي يرغب في تشكيله الإمام من أجل تحرير القدس الشريف».