تتهرّب غالبية الشخصيات السياسية الوزارية أو النيابية من الواجهة الإعلامية ، بعضها خوفاً من الاتّهام والبعض الآخر خوفاً من محاسبة مرجعياتها السياسية، وهي التي أوصلتها الى الحكومة أو البرلمان، في حال تسنّى لتلك المرجعيات إعادة إحكام قبضتها على هؤلاء، وعلى الشعب من جديد… ويبقى المؤكد الوحيد أنّ تلك المرجعيات كما أتباعها لم يستفيقوا بعد من صدمة سقوط السلطة شعبياً. ويعلمون في سرّهم من «صناع القرار» أن الآتي أعظم .
كذلك ما زال الرأي العام تحت هول الصدمة بعد كلمة رئيس الحكومة سعد الحريري، معتبراً أنّه خذله مرة ثانية، بالرغم من اعترافه الشخصي خلال إعلانه عن مقررات «ورقة الحكومة الطارئة»، من أن «ثورة تشرين» اللبنانية كانت السبب الأساس في ولادة ورقة الإصلاحات التي غابت عنها تعليقات الشخصيات السياسية التقليدية، بعكس تعليقات الفعاليات الشبابية والمسؤولين والمنظمين للحراك المستقلّ الذي تحوّل الى «ثورة تشرينية لبنانية جامِعة»، فيما علّق «حراس المدينة» على الورقة الإصلاحية، وهم الشباب الشمالي المنظم للتظاهرات بالقول للجمهورية «لا نريد ورقة إصلاحية نريد ورقة واحدة ورقة الاستقالة».
وتحدث عنهم المحامي رامي شراكية، فقال إنّ «حراس المدينة» هم مجموعة من الشباب المتطوعين، بدأ حراكهم عندما التفوا لحماية المدينة بمنع دخول شاحنات النفايات الآتية من المناطق الأخرى. كذلك يشارك الحراس في الحراك حسب معلومات «المؤسسة الوطنية للدراسات والإحصاء»، «المجتمع المدني المستقلّ» الذي حصدت لائحته في الانتخابات الأخيرة ٤٤٨ صوتاً، ويشارك معهم في الشارع أيضاً ٢٦٨٠ صوتاً، الذين صوّتوا للائحة «كلنا وطني» المستقلة، بالإضافة الى مشاركة بعض المؤيدين للرئيس نجيب ميقاتي، والغائب الأكبر بحسب تعبير رئيس المؤسسة زكريا حمودان أن «غياب الثقافة السياسية خسرت «تيار المستقبل» وباقي الأحزاب بسبب عجزهم عن كيفية التصرّف في الأزمات المماثلة.
«حرّاس المدينة»
لا ينتمون الى أيّ جهة سياسية بحسب المحامي شراكية الذي قال للجمهورية ان ليس هناك من تمويل رسمي يغذّي تحركهم، كاشفاً أن المنظمين حاولوا أمس البحث عن تمويل للحراك فبدأوا «بلمّة» من الحاضرين والمشاركين في التظاهرة ليبتاعوا المواد الأساسية كالمياه للحضور وما شابه من ضروريات، متمنياً من الذين يروّجون غير ذلك المجيء الى الشمال، والتأكّد كيف أن كافة المؤسسات الخاصة والمطاعم اندفعت من تلقاء نفسها، وقدّمت المأكولات للمتظاهرين ولم يدفعهم الى ذلك سوى شعورهم بالانتماء الوطني، وقال « تتصل بنا المطاعم يومياً للقول «نريد تقدمة ألف سندويش للمتظاهرين».
يضمّ «حرّاس المدينة» جمعيات وحركات من كافة الطوائف، لافتاً الى أنّه يترأس إحداها، وهي «حركة لبنان المستقل» وهم منخرطون بالصميم في التحرك «وشباب الحركة ينشطون بكثرة على الارض ويساعدون في التمويل والتنظيم، بالإضافة الى الجمعيات الكشفية الشمالية التي تساعد ميدانياً أيضاً، كذلك «الجمعية الإسلامية» التي استحدثت مستشفى ميدانياً للإسعاف المباشر، وكذلك فعل الصليب الأحمر، لافتاً الى ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية التي ستُنجح الثورة وحدها «وإلّا لن نراها بعد الان»، محذّراً من تصديق الإشاعات التي تروج يومياً عن طرابلس «نحن لا نتكلم بالديانات ولا بالأحزاب بل بالوحدة». ويضيف شراكية «نحن لسنا قنداهار وأيضاً لسنا أمستردام لذلك شاركت معنا أناشيد الآذان وشارك معنا الكاهن بصلواته وكنا طرابلس العيش المشترك والوحدة الوطنية».
من المقرر؟
يقرُّ ممثل الحركة انّه كانت هناك أخطاء في التنظيم وقد تمّ استدراكها، لافتاً انّه ابتداءً من اليوم سوف يرى اللبنانيون شكلاً جديداً وتنظيماً جديداً، وذلك بمساعدة القوى الأمنية والجيش لمنع المتظاهرين من التصاريح العبثية، وذلك بسبب عفوية التحرك علماً أننا كمنظمين نرفض قطعياً منطق السباب والشتائم ونعمل على ضبط الشارع وتصاريح المشاركين مشيراً انّ المهمة تصعب بحضور ٥٠ ألف متظاهر من مختلف الطبقات.
يشكر شراكية «رابطة طلاب المسلمين» الذين يساهمون من جيوبهم الخاصة، لكنه في المقابل يلفت ان «جمعية الحراك المدني» أيضاً تشارك، ولذلك لا يمكن تسييس الحراك أو تطييفه لافتاً انّ «حزب ٧» لم يشارك في التظاهرات في طرابلس، وانّه بصفته الشخصية كمحام طلب من نقيب المحامين محمد مراد التحرر من القيود السياسية والمشاركة في التظاهر ومكافحة الفاسدين منوّهاً بحكمة نقابة المهندسين التي تضامنت مع الحراك ووضعت علم لبنان على مدخل النقابة وأصدرت بياناً مؤيّداً للتحرك الشعبي كاشفاً عن انّ احتمال مشاركة ٥٠ محامياً بالتظاهرات اللاحقة وبأثوابهم الرسمية.
كذلك الأمر بالنسبة الى نقابة الاتحاد العمالي العام الذي يشير شراكية الى تحرره من القيود السياسية متوقعاً ايضاً انّ «حرّاس المدينة» يعملون على إقناعها بالمشارك .
ويكشف شراكية عن انّ ٤٠٠ شاب من «تيار المستقبل» شارك أوّل من أمس في التظاهرة، كما شاركت بعض الكوادر من المستقيلين من التيار.
يَعلم» حرّاس المدينة» أنّ المسؤولية الملقاة على عاتقهم كبيرة لأنّهم لم يتداركوا حجم كرة الثلج التي تدحرجت بعدما طفح كيل الشعب الجائع والمتعطش الى ثورة سلمية وسلام وأمان ووعود صادقة تبعد عنه البطالة وشبح المجهول، كاشفين عن تأسيس مجلس للحراك يتالف من 10 الى 15 عضواً من الجمعيات الفاعلة التي دأبت على العمل الجادّ منذ زمن، بهدف تغيير النظام الحالي الفاسد، لكي يجمعوا على قرار رسمي واحد من مجلس الحراك يكون موحّداً للمطالب.
التنسيق على قدم وساق
يكشف «حرّاس المدينة» عن تواصل أحد حرسهم مع تحركات باقي المناطق في بيروت للتنسيق المشترك بغية توحيد الخطاب والمطالب في اجتماعات المجالس في باقي المناطق وتوحيدها والعمل على التواصل الدائم منعاً للانقسام، مشيراً الى انّ التنسيق تمّ مع مناطق كسروان وزغرتا، كما كشف عن مقررات اجتماع الأمس الذي خلص الى المقرّرات التي أعلنت وأهمها المطالبة بإسقاط الحكومة فوراً وتشكيل حكومة إنقاذ وطني من خارج المنظومة الحاكمة.
وعن الورقة الإصلاحية قال «حرّاس المدينة» «وصلت متأخرة» وأوّل مرّة نشعر أنّ الحريري رئيس حكومة فعلياً واذا أسعفته تحركات الشعب وفق تعبيره فسنقول له «نحن مستمرّون». وتساءل «حرّاس المدينة « هل تستطيع الحكومة الحالية تنفيذ تلك الإصلاحات وهي المسؤولة عن الفساد؟ ولماذا لم تشمل المقررات الضرائب على الأملاك البحرية؟
وما هي الضمانات التي تؤكد تنفيذ الحريري لتلك الإصلاحات والتعهدات والبنود؟
وماذا عن السلاح المتفلّت والمعابر غير الشرعية واللائحة تطول والثقة معدومة!