IMLebanon

وصاية

 

بإستثناء القلة، فإنّ اللبنانيين لم تعد  تستهويهم أجواء التحدي والتشنج، والعكس صحيح،  فإضافة الى أنهم قرفوا مما تشهده الساحة بين يوم وآخر من صراعات لا مبرّر لها، فقد تاقوا الى أزمانٍ طبيعية. ذلك أنّ ما عرفناه من تصعيد متبادل، واتهامات متبادلة، وتجريحات قاسية (الخ…)  ليس من طبيعة الساسة في هذا البلد. صحيح أن الخلافات بين أهل السياسة ليست وليدة هذه المرحلة بالذات ولكنها لم تكن أبداً على  هذا القدر من الحقد والكراهية والبغضاء كما هي في مرحلة ما بعد اتفاق الطائف.

 

فليس مقبولاً أنّ «تغريدة» واحدة قادرةٌ على إضرام النار بين  غير طرف. حتى إذا استجرت تغريدة مقابلة ارتفعت ألسنُ النار في هشيم العلاقات القائمة بين الأطراف على المصالح الآنية والذاتية… وأمّا مصلحة الوطن ففي وادٍ آخر!

 

واللافت أنّ بعض الإعلاميين الساعين الى «الرايتنغ» على الأقنية التلفزيونية هم حفنة من الذين لا شغل لهم سوى تأجيج النيران… بل يذهب بعض هؤلاء  الى حدّ البحث عن نار  على وشك أن تخمد فيصبون عليها الزيت، ويهيئون الأسئلة معروفة الجواب سلفاً التي من شأنها أن تعمق الجراح.

 

ومن أسف أن البعض الكثير في الطاقم السياسي «لا تهزو واقف على شوار»… أي أن لديهم شغفاً للنزالات التي تكشف عن شهية مفتوحة على تبييض الوجوه أمام معلميهم، فيتلقفون كرة النار ليلقوها وقد استعر لهيبها.

 

أليست هذه حالنا؟ أليس أننا كلما داوينا جرحاً سالت جراح؟ أليس أنه بات مكتوباً علينا، نحن اللبنانيين أن نتحمل هذه البلاوي كلها؟

 

ثم إنّ العدّة موجودة «حاضرة ناضرة» وهي طلب النجدة من الطائفة ومن المذهب!

 

فإلى متى يجب أن يبقى الناس يتحملون هذه التراجيديا؟ والى متى يجب الانتظار كي ينضج الحسّ الوطني لدى الحفنة من الذين لا دأب لهم سوى نعيق البوم؟ والى متى يجب أن تتكبد البلاد من أمنها واستقرارها وطمأنينة الشعب، فقط لكي يبيض البعض وجوههم، ولكي يقدموا ذواتهم الى معلميهم وهم يتدثرون بوشاح الإخلاص والوفاء والالتزام، بينما هم، في الواقع، مستعدون للقفز الى أي حضن آخر إذا ضاق بهم حضن المعلم؟!

 

لذلك نود أن نعلن عن ترحيبنا بقوة بما بدأ يتظهر من المساعي الحميدة التي من شأنها أن تبرد الأجواء الحارة، وأن «تفرمل» هذه الاندفاعة نحو التصعيد…

 

ولا أظننا نأمل كثيراً عندما نطلب  الاستفادة من بوادر التهدئة لندعو القوم الى اعتماد سياسة أخلاقية في تبادل الحملات… فتبقى مضبوطة تحت سقف المصلحة الوطنية العليا.

 

ونأمل ألا تكون الأطراف قد اشتاقت (… وبقوة) الى زمن الوصاية، لينضبط الجميع تحت سقف ما يقرره الوصي!