IMLebanon

ضيوف خادم الحرمين الشريفين!

 

تحتضن المملكة العربية السعودية وقيادتها وشعبها حجّاج بيت الله الحرام والمعتمرين في كل عامٍ في مثل هذه الأيام، وحجّ البيت العتيق، هو استجابة لدعوة سيّدنا أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، عندما أمره الله تعالى بقوله {وأذّن في الناس بالحَجِّ يأتوكَ رجالاً وعلى كل ضامر يأتيْنَ من كل فَجٍّ عميق}.

 

وكما هو معلوم فإنّ الحجّاج الذين ينتقلون بين مكّة المكرّمة وعرفات والمزدلفة ومِنى خلال أيام معدودة يتجاوز عددهم الثلاثة ملايين مؤمن من خارج المملكة وداخلها.

 

وهذا يعني أنّ هناك سكانَ مدينةٍ تعدادها ثلاثة ملايين نسمة، متنقّلة بين المشاعر لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، فكم يحتاج سكان هذه المدينة من خدمات وطعام وشراب وطبابة، وأمنٍ وأمان!

 

إنها معجزة الحجّ، التي تديرها وتنظّمها الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية بتوجيهٍ وبمتابعة شخصية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ووليّ عهده الأمير محمد بن سلمان، وحكومته الرشيدة بما فيها الوزارات المختصة ولا سيما منها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ووزيرها الدكتور الشيخ عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ ووكلاؤه ومعاونيه.

 

وهذا الجهد لا ينكره إلاّ جاحد، ولا يشكك به إلّا كل حاسد وموتور يسعى للفتنة ولتشويه مناسك الحج والإنحراف بهذه العبادة نحو مآرب ومطامع تدركها المملكة العربية السعودية وقيادتها، لكنها تتعامل معها بكثير من الحكمة والحزم والاستيعاب، ويتكرّر هذا الجهد في كلّ عام مع هذه الملايين القادمة من بلدان مختلفة ولغاتٍ متنوعة وثقافات وأعراف متعددة، لكنها مُجمعةٌ على طاعة رب العالمين.

 

وأمام هذا الكمّ الهائل من القادمين الى بيت الله الحرام، هناك ضيوف من العلماء والمثقفين ورجال الفكر والسياسة والاقتصاد يُستضافون لتأدية مناسك الحج على نفقة وضيافة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وقد بلغ عدد هؤلاء في هذا العام 6500 حاجّ، قادمين من ثمانين دولة عربية وإسلامية وصديقة. فكل وسائل الراحة والعناية والضيافة مؤمَّنة لهم، وكل سبل التنقلات والرعاية والاهتمام متوافرة لتأدية المناسك المعتمدة.

 

يُستقبل ضيوف خادم الحرمين القادمين من ثمانين دولة بالابتسامة والتحية والولاود، وبالأناشيد المرحّبة والمردّدة خدمة الحجّاج شرف لنا. إنها سياسة ونهج وثقافة المسؤولين في المملكة العربية السعودية في كل مكان من المشاعر المقدسة؛ والمكلفون شؤون الحجاج ضيوف خادم الحرمين يؤكدون بأقوالهم وأفعالهم أنهم لا يريدون شيئاً، ولا يطلبون أو يطالبون بأيِّ موقف وإنما يردّدون في استمرار: أُدعوا لنا يا حجاج بيت الله الحرام، وادعوا لهذه البلاد لتبقى آمنة مستقرّة وراضية مرضية.

 

من نيوزيلندا الى فلسطين والسودان واليمن والعراق وصربيا وأوستراليا وروسيا والصين والهند وباكستان وماليزيا وأندونيسيا وبنغلادش وتركيا وكوسوفا والبوسنة والهرسك، ومن أوروبا وأميركا أفريقيا، ومن كل بلاد العرب والترك والفرس والأفغان ومن كل بلاد الله الواسعة يردّدون معاً بصوت واحد ولغة واحدة: «لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والمُلك لا شريك لك».

 

ونحن مع إخوة لنا من لبنان في ضيافة خادم الحرمين الشريفين كنّا نشعر بكثير من الودّ والمحبّة والحرص على لبنان وشعبه، وعلى سلامته وأمنه. ففي كل اتصالاتنا ولقاءاتنا مع المسؤولين الكبار، لمسنا أنهم يريدون كما نريد، ويتمنّون كما نتمنى، أن يبقى لبنان كما كان ثغراً عربياً مستقراً وآمناً، وسيّدا حراً مستقلاً متعايشاً مع جميع أبنائه، بعيداً عن المحاور الإقليمية والدولية وعن الآلام والحروب المجاورة.

 

وبمقدار ما كان المعنيون مهتمين ومتابعين لجميع الضيوف القادمين إلّا أنّ الضيوف اللبنانيين كانت لهم خصوصية في الاحتضان والرعاية والحرص على راحتهم، فهم أبناء بلاد الأرز الذي أحبّ المملكة العربية السعودية وأحبّته منذ ولادة لبنان وتوحيد المملكة العربية السعودية بقيادة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، ومَن جاء بعده من أبنائه الملوك الى عهد الملك الصالح سلمان بن عبد العزيز.

 

كم هي مباركة هذه الرحلة الإيمانية، وكم هي مشرقة مكّة المكرمة ببيتها العتيق، وأشجارها وأنوارها وأنفاقها وساحاتها التي أضحت في العهد السعودي تتّسع للملايين في طوافهم وسعيهم وكل مناسكهم، وكم هي مشعّة المدينة المنوّرة بمسجدها النبوي الشريف الذي يتّسع لملايين الزائرين والقادمين من كل بقاع الدنيا للسلام على رسول السلام وهادي الناس الى الخير والمحبة والرحمة لكل الناس محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام. حمى الله المملكة وقيادتها وشعبها، وأدام عليها نعمة الأمن والاستقرار لتبقى كما هي مهوى أفئدة المؤمنين في كل مكان من العالم.