IMLebanon

«المرشد» تيمور: زعامة.. مع إصلاح

قبل ايام قليلة شقّت صفحة تيمور جنبلاط الرسمية على «فايسبوك» طريقها الى العالم الافتراضي.

الشاب تأخّر كثيرا عن جيله المولع بمواقع التواصل الاجتماعي، وحتّى عن والده الذي سبقه في اكتشاف منافع «تويتر» الحاضنة لآرائه العفوية، وحتى السوريالية منها كتلك التي يقف فيها معزّيا بـ.. وليد جنبلاط!.

بعض الصور على الصفحة من مناسبات ولقاءات، والقليل منها شخصية تكشف إحداها للمرة الاولى وجوه عائلته الصغيرة. زوجته ديانا زعيتر «المسيّسة جدا»، وولداه سابين (7 سنوات) وفؤاد (اربع سنوات).

لتيمور اهتمامات أخرى تماما. شغفٌ بالموسيقى والتاريخ. هو موسوعة أفلام. يمارس الرياضة في ناد خاص. غالبا ما يُشاهد في بعض مقاهي بيروت الفخمة يقرأ كتابا، او يضع سماعات على أذنيه مستمعا الى الاغاني وشاردا كأنه منفصل عن العالم.

لم يتصرّف تيمور يوما بما يوحي برغبة دفينة لديه بتقمّص دور الزعامة. كثيرٌ من التواضع الذي لا تجد منه إلا القليل عند «وليد بيك» صاحب الوهرة القوية، تماما كما حين يتولّيان القيادة بنفسيهما، او يتحرّران من عبء المرافقة الامنية الطنّانة الاقرب الى «التفشيخ». زعيم المختارة مقتنع بان الامن هو سياسي بالدرجة الاولى، ورفيق الحريري نموذجا.

منذ ايام الجامعة الاميركية اختبر تيمور تجربة العمل كموظف في معمل سبلين والاحتكاك المباشر مع الارض والناس. لا افراط بصرف الاموال ولا بذخ في «تشكيلة» السيارات. ولا مظاهر طمع بزعامة آتية لا محالة كقدر البيت الجنبلاطي.

وحين أتى الأوان، صار تيمور الرجل الحاضر في قلب اللعبة التي تدخله أكثر الى العمق الدرزي. بدأ ذلك بعد عودته من باريس التي لجأ اليها بضغط من والده بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

كان تيمور قد عقد لتوّه زواجه المدني في تركيا على ديانا زعيتر، فاستقلّ الطائرة واستقرّ في العاصمة الباريسية ثم عاد أدراجه في العام 2010، ليمتهن اصول اللعبة. واجبات العزاء والافراح، «الأبواب المفتوحة» كل ثلاثاء وسبت في المختارة، المشاركة في المصالحات، النشاطات الاجتماعية، جولات في المناطق التي حاكت بعضها خطّ التوتر السني الدرزي بعد أحداث سوريا، تمثيل والده في المناسبات الحزبية والمناطقية، المشاركة في المؤتمرات التي تحاكي مصير الاقليات في المنطقة… آخر نشاطاته استقباله يوم الجمعة وفدا من دروز أدلب في بيصور بحضور النائبين غازي العريضي واكرم شهيب.

في الاحتكاك مع الناس صار الشاب مرجعا. ودود، قريب من الناس، ويملك سحرا خاصا. لا يرفض طلبا من اجل صورة. يستمع أكثر مما يتكلّم، وهذه «ماركة» جنبلاطية بامتياز.

بداية، كان يستغرب دخول منازل دروز لا يعرفهم لتقديم التعازي، فالشاب متأثّر بنمط الحياة والتفكير الغربيين.. لاحقا، صار الامر من اليوميات العادية. حتّى في السياسة سيسهل عليه الردّ على سؤال عن سبب دعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند رئيس الحكومة اليوناني الجديد الكسيس تسيبراس للتوجّه سريعا الى فرنسا بعد فوز حزبه التاريخي في الانتخابات التشريعية، من أخذ رأيه بسيرة فريق «14 آذار»!

في البيزنس، تيمور اليوم عضو في مجلس إدارة «سبلين»، وعضو في شركة «نت غاز»، ويتحضّر لأكبر مشاريعه، الى جانب صديق والده رياض الاسعد، لادارة شركة عصرية وحديثة تلزّم نفايات الجبل.

لا توريث في الحزب. هذا قرار وليد جنبلاط.. مبدئيا. يحمل تيمور اليوم صفة عضو مرشد في «الحزب التقدمي الاشتراكي» بقرار من وليد جنبلاط نفسه. هذا ما يخوّله الترشّح الى مجلس القيادة، وبالتالي الى رئاسة الحزب!

في السياسة قطع اشواطا بعيدة، وان على السكت. صداقاته مع بعض زملائه في الجامعة أكثر متانة من تلك التي نَسَجها على حفافي لقاءاته الشخصية مع السياسيين وأولادهم.

احمد الحريري زميل الدراسة الجامعية، لكن لا صداقة بل مجرد «صحبة»، تماما كما مع سامي الجميل وطوني فرنجية. يسجّل لتيمور وأحمد حفاظهما على خيط التواصل البنّاء بعد إدارة «البيك» ظهره لسعد الحريري.

مع «حزب الله» يقتصر الامر على اللقاءات الرسمية بسبب فارق السنّ والاهتمامات. مع العونيين لقاءات عابرة مع بعض النواب، والاكيد لا ودّ ظاهرا بين الطرفين حتى الآن، طالما هو غير موجود اصلا على مستوى الرأس. العلاقة مميزة مع اولاد الرئيس نبيه بري، وبالاخصّ مع باسل نجله الاصغر.

خارج الاراضي اللبنانية، فعل جنبلاط المستطاع. اصطحبه معه للقاء الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، وحطّ أكثر من مرّة في السعودية برفقة الوزير وائل ابو فاعور. زار ملك الاردن عبدالله الثاني. في إحدى زياراته الى سوريا تعرّف على حكمت الشهابي ومحمد ناصيف (ابو وائل)، فيما اصدقاؤه يؤكّدون انه لم يلتق ولا مرة الرئيس السوري بشار الاسد.

حتى اليوم، لم يتآلف وريث المختارة مع الإعلام. المعادلة بسيطة ومنطقية. ماذا يمكن ان يقوله تيمور جنبلاط ولم يقله وليد جنبلاط في لحظة التغييرات الهائلة في المنطقة وصقيع السياسة في لبنان؟. التكرار لن يكون مفيدا، مع العلم ان الرجلين ليسا بالضرورة على الموجة نفسها في النظرة الى بعض الملفات السياسية.

سبق لتيمور ان تعرّف على السيّد حسن نصرالله. كان ذلك في تشرين الاول 2009 في عزّ ارتدادات الانعطافة الجنبلاطية التي أخرجت «البيك» من تحت عباءة «14 آذار» الضيقة، وبعد ساعات من انعقاد قمة عبداالله – الاسد. مع ذلك، لم تثر صورة اللقاء زوبعة كما فعلت صورة التعارف «الرسمي» مع بري في عين التينة تحت اعين الكاميرات.

في تلك الجلسة لم يثر موضوع نيابة تيمور لا من قريب ولا من بعيد. ولن يكون هناك افضل من وليد جنبلاط لـ «يتمسخر» على «تويتر» على المستعجلين على «دفنه».

زعيم الدروز قالها صراحة لتيمور، ضمن حلقة ضيقة، وإثر الجلسة الاولى لانتخاب رئيس الجمهورية «آخر عمل سأقوم به كنائب هو انتخاب رئيس للجمهورية. بعدها سيؤول المقعد النيابي اليك». لكن الرئاسة طوّلت، وهذا ما يكون قد دفع جنبلاط الاب الى إعادة النظر بموقفه.

مع ذلك، سيّد المختارة لا يزال متريثا. ربما في أواخر الربيع، كما يقول احد المقرّبين. هؤلاء يفضّلون حصول معركة وليس فوزه بالتزكية. ثمّة من يردّد «تيمور قد يتجاوز والده في حجم الاصوات». يحمل الشاب مشاريع اصلاحية وحديثة وعصرية لـ «بلد خربان»، محاولا التحرّر من بعض موجبات الزعامة الموروثة على طبق من فضة.

عمليا، وجود الشاب في واحد من «مطابخ» صناعة القرار، كان كفيلا وحده بايضاح الصورة من دون استحضار صناديق الاقتراع. أخبره الرئيس بري عن تجربته في السياسة أكثر مما تكلّم تيمور عن نفسه. نائب الشوف المقبل يستهضم بري كثيرا ويحترمه، فكيف إذا احتضنه الاخير بنَفَس من الابوة.

كان يفترض بجلسة عين التينة ان تليها جلسات أخرى مع مفاتيح السياسة. وفاة الملك عبدالله فرملت جدول الزيارات، لكنها سهّلت اللقاء مع سعد الحريري على هامش العزاء.