حلفاء سوريا يعملون للتطبيع مع النظام لشرعنة معابر التهريب
إذا كان الغموض يلف المفاوضات التي يجريها لبنان مع صندوق النقد الدولي حتى الآن، من دون بروز مؤشرات جدية توحي بحصول تقدم بالنسبة إلى اقتناع الصندوق بخطة الحكومة للإنقاذ الاقتصادي، فإن هناك تساؤلات عديدة عن النتائج التي قد تنجم عن هذه المفاوضات، وما إذا بالإمكان أن تقتنع الدول المانحة بجدوى هذه الخطة التي قدمتها الحكومة، لتقديم الدعم للبنان بهدف إنقاذه من الوضع الذي يمر به، طالما أن هناك مقاطعة عربية وتحديداً خليجية للحكومة اللبنانية ورئيسها حسان دياب، وهو ما ظهر من خلال غياب سفراء المملكة العربية السعودية والكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة، إلى سفراء عرب آخرين، عن السرايا الحكومية، بعد مضي ما يقارب مائة يوم على ولادة الحكومة. وتالياً هل يمكن لصندوق النقد أن يمد يد المساعدة للبنان، في وقت تحجم الدول العربية عن ذلك؟ وهل يعقل أن تبادر الدول المانحة إلى دعمه، في الوقت الذي تحجم دول مجلس التعاون الخليجي عن ذلك؟
واستناداً إلى ما تقوله لـ«اللواء»، أوساط سياسية معارضة، فإن «الدول العربية ومن ضمنها دول مجلس التعاون الخليجي، جزء لا يتجزأ من المجتمع الدولي، وهذا يعني أن دورها أساسي في أي مساعدات قد تقدم للبنان، وهذا ما حصل في محطات سابقة. لكن الأمور اليوم تبدو مختلفة، بحيث باتت المساعدات التي يمكن أن يحصل عليها البلد، خاضعة لشروط صندوق النقد الدولي. فاليوم لا يوجد شيء اسمه سيدر، إلا من خلال آلية الصندوق الذي بات معبراً حتمياً للحصول على مساعدات. بمعنى أنه لم يعد من مجال لمساعدة لبنان إلا من خلال «النقد الدولي»، بعدما أصبحت المساعدات التي كان لبنان يحصل عليها، جزءاً من الماضي، حيث أن الجميع نفض يده من هذا الموضوع، وحصر المساعدات التي يمكن أن يقدمها للبنان بصندوق النقد وما يمكن أن يقرره على هذا الصعيد».
على لبنان أن يقدّم خطة إصلاحية واضحة المعالم تُقنع المجتمع الدولي ليساعد الدولة
وتشدد الأوساط، على أنه «وفي مقابل استعداد الصندوق لتقديم مساعدات للبنان، فعلى الأخير أن يقدم خطة إصلاحية واضحة المعالم تقنع المجتمع الدولي الذي يريد أن يساعد الدولة اللبنانية، وليس أطرافاً تحاول الاستفادة من مقدرات المؤسسات اللبنانية، أكان النظام السوري أو حلفاؤه في الداخل، أو أي قوى سياسية أخرى. وهذا يعني أن المعابر غير الشرعية بمثابة معبر لصندوق النقد. أي أنه في حال أقفلت هذه المعابر، فإن الأمور ستصبح أسهل على خط بيروت وصندوق النقد. وبعبارة أوضح فإن هذا الخط يصبح سالكاً في الاتجاهين، إذا حزم لبنان أمره واتخذ القرار المنتظر بإقفال هذه المعابر التي تستفيد منها قوى الأمر الواقع، والعكس صحيح تماماً».
ولا ترى الأوساط، أن هناك «ما قد يدفع الدول الخليجية إلى تغيير موقفها من الحكومة اللبنانية، فهي تريد أولاً وأخيراً أفعالاً وليس أقوالاً. وهناك من يسأل على الساحة الخليجية لماذا علينا مساعدة لبنان، إذا لم يساعد نفسه ويلتزم الحياد والنأي بالنفس؟ لا بل أكثر من ذلك فإن هناك أصواتاً تعالت في عدد من دول مجلس التعاون، تقول بوقف أي نوع من المساعدات، طالما استمر هذا البلد منصة انطلاق لمواقف سلبية تجاه الدول الخليجية التي لم تقصر يوماً في مساعدة هذا البلد للخروج من أزماته التي عصفت به في السنوات الماضية، حيث كانت هناك قوى سياسية لبنانية، تتلطى بتغطية رسمية من بعض الجهات لشن حملات سياسية وإعلامية ضد الدول الخليجية ومسؤوليها، وهذا أمر ترك استياء عارماً لدى الخليجيين، وأضر كثيراً بالعلاقات مع لبنان. عدا عن أن الدول التي اعتادت أن تساعد لبنان، ما عادت قادرة في الظروف الراهنة، خاصة بعد تداعيات «كورونا» على القيام بهذا الدور. ولم يعد هناك دول يمكن تساعد دولاً أخرى مجاناً، في ظل المشكلات التي تتخبط فيها، بعد الخسائر الاقتصادية نتيجة هذا الوباء».
وتشير الأوساط، إلى أن «التطبيع الذي يطالب به «حزب الله» وفريق الثامن من آذار مع النظام السوري، يمكن وضعه في خانة السعي إلى تشريع هذه المعابر غير الشرعية، باعتبار أن النظام القائم في سوريا غير شرعي، وليس هناك دولة مركزية بالمعنى المتعارف عليه، وتالياً لزيادة الإمعان في ضرب مقومات السلطة الرسمية، ولذلك فإن محاولات فريق الثامن من آذار التطبيع مع نظام الأسد، غايتها تطبيع الوضع غير الشرعي لهذا النظام، وجعل لبنان في وضعية غير شرعية»، مشددة على أن «المطلوب أن تستمر العلاقات بالحد الأدنى، بانتظار انتهاء الحرب السورية وقيام التسوية التي تعيد للوضع في سوريا، شرعيته العربية والدولية، وما عدا ذلك لا يمكن أن يطبع لبنان مع سوريا، من أجل أن تتوسع العقوبات باتجاه لبنان، وهو أمر في غاية الخطورة. ولا ترى أنه من المنطق أن تسمح دولة في العالم بوجود معابر غير شرعية، تمنع عن الخزينة مليارات الدولارات، كما هي الحال على الحدود الشرقية والشمالية، وهنا الحديث عن التهريب من لبنان إلى سوريا، ولم تفتح بعد ملفات التهريب على الخط الآخر، من اللاذقية وطرطوس باتجاه لبنان، وهذا أيضاً خط مفتوح على حسابه الخزينة اللبنانية».