Site icon IMLebanon

سفراء خليجيّون “يُعزّون” اللبنانيّين… ومهزلة “التصريف الخارجي” ولّت!

 

يعيش لبنان تردّدات الحديث “المتهوّر” الذي أدلى به وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه وأدى به إلى زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون وطلب إعفائه من مهماته، وقبول هذا الطلب وتكليف وزيرة الدفاع زينة عكر تولي هذه الحقيبة بالوكالة، لدرجة أنه غطّى على الحرب بين إسرائيل و”حماس”.

 

ليس جديداً على محور “التيار الوطني الحرّ”- “الممانعة” الدفاع عن سلاح “الحزب” الذي يُشكّل جزءاً أساسياً من منظومة إيران في المنطقة، وقد تكون هذه النقطة أثارت غضب المملكة العربية السعودية ودول الخليج، لكن هنا لا يكمن بيت القصيد بل في الهجوم الناري من الوزير “المعفى من مهامه” على تلك الدول، واعتبارها من اخترعت تنظيم “داعش” وموّلته، في حين أنه لم يُسجّل أي معركة مهمّة بين القوات الإيرانية والسورية وبين “داعش” في سوريا والعراق.

 

ولا ينسى الشعب اللبناني كيف أن “حزب الله” هرّب مقاتلي “داعش” بعد انطلاق معركة “فجر الجرود” في آب 2017، بعدما حاصرهم الجيش اللبناني وكاد أن يقضي عليهم، وبالتالي فإن الوزير ظهر أمام الرأي العام اللبناني والدولي بأنه يفتقد الحدّ الأدنى من الثقافة والمعرفة.

 

وقد انصرف الشعب اللبناني في الساعات الماضية للترحّم على كبار الديبلوماسيين الذين طبعوا سياسة لبنان الخارجية، سواء كانوا سفراء أو وزراء خارجية أمثال كميل شمعون وحميد فرنجية وشارل مالك وفؤاد بطرس وغسان تويني… وكوكبة من الذين امتهنوا هذه المهنة وتكلّموا باسم لبنان في المنابر الدولية.

 

ولا تتعلّق المسألة بالسياسة فقط، بحسب عدد من الديبلوماسيين الحاليين، بل بالانحطاط الذي وصلت إليه هذه الديبلوماسية، وعلمت “نداء الوطن” أن القصة تحوّلت “مقلوبة”، فبدل أن يتّصل سفراء لبنان في الدول الكبرى بالسفراء الخليجيين لتبرير الموقف والدفاع عن وجه لبنان، بادر عدد من السفراء الخليجيين إلى الإتصال بالسفراء اللبنانيين الفاعلين والإعلان عن التضامن معهم والتخفيف عنهم، ووصل الأمر لدرجة تعزيتهم نتيجة الوضع الذي وصل إليه لبنان، وهذا المستوى من المسؤولين الذين لا يحترمون شعبهم ولا يُقدّرون مصالح بلادهم، و”يُبدّون” مصالح الخارج على الداخل، مركّزين على أن ما يحصل وخصوصاً في وزارة الخارجية لا يعكس وجه لبنان الحقيقي الذي يعرفه العرب، لبنان الديبلوماسية والسياسة والفن والثقافة والعلم والطبيعة والجمال وأهل الضيافة.

 

إذاً، نجح العهد العوني مرّة أخرى في ضرب أحد أهم مقومات لبنان وهي الديبلوماسية الناشطة، ويُجمع عدد من الديبلوماسيين الذين آلمهم مشهد “الركاكة” التي تكلّم بها وزير الخارجية المستقيل، على أنّ هذا ليس لبنان، وسُجّلت عدّة إعتراضات من سفراء لبنانيين في وزارة الخارجية تُطالب بإنقاذ الوضع وعدم الإستمرار في تدمير وجه لبنان الحضاري.

 

وفي سابقة جديدة، وباستثناء تجربة الوزير ناصيف حتّي، فإنه ومنذ تولّي جبران باسيل وزارة الخارجية، والعلاقات اللبنانية تُقطع مع كل الدول باستثناء دول محور الممانعة، وقد تفوّق وهبه على الوزير السابق عدنان منصور الذي اتُّهم في تلك الفترة بأنه يُغطي سياسة “حزب الله” وحكومة اللون الواحد ويدافع عن النظام السوري، لكن من دون أن يرتكب أخطاء إدارية أو يضرب علاقة الشعب اللبناني بباقي شعوب المنطقة، بل كانت المشكلة معه سياسية بامتياز.

 

تكرّرت تجربة إدارة “التيار العوني” في وزارة الطاقة مع “الخارجية”، وعاشت الجالية اللبنانية في الخليج ساعات انتظار لتعرف ما مصيرها، ولم يكتفِ “التيار” بهدر 50 مليار دولار في الكهرباء، بل أقدم على ضرب وهدر ما تبقّى من علاقات لبنان بالجوار وإيصال الشعب إلى “جهنم حقيقي”.