إستعجال باراك اوباما دفع الإتفاق مع ايران الى مجلس الأمن قبل إعطاء الكونغرس فترة المراجعة التي تستمر ٦٠ يوماً، دليل واضح على انه كان يخشى أن تؤدي المعارضة المتصاعدة للإتفاق الى تعطيله، ولهذا سعى الى تهريبه من وراء ظهر الكونغرس!
بهذا يناقض تعهداته السابقة أنه ستكون للشعب الأميركي والكونغرس الفرصة الكاملة لمراجعة الاتفاق، ولهذا ترتفع الأصوات في مجلس النواب الأميركي متهمة إياه بالمراوغة والتحايل، هذا في حين ترتفع أصوات أخرى متناقضة في الشرق الأوسط بعضها في المنطقة العربية تتّهمه بتوقيع اتفاق سيئ وعبيط، وبعضها في طهران التي كسبت اتفاقاً جيداً وتواصل الصراخ “الموت لأميركا”.
المرشد علي خامنئي يقول إن إيران ستواصل سياسة التصدي لغطرسة أميركا وإنها لن تسمح بتدمير مبادئها الثورية وبإعاقة الصناعة النووية وعمل أجهزة الطرد المركزي، في حين يحمل وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر الى المنطقة ترهات واهية عن بقاء الخيار العسكري ضد ايران لمنعها من حيازة القنبلة النووية!
المضحك – المبكي أن الإدارة الأميركية تمضي في محاولة استغباء دول المنطقة، عندما يقول آشتون في طريقه الى السعودية والأردن إن واشنطن ستواصل تعميق تعاونها العسكري مع حلفائها وانه “بسبب عدوان ايران المحتمل ونشاطاتها الخبيثة نبحث دائماً عن طرق لتعزيز موقعنا هناك”، بما يؤكد ان الهدف الحقيقي لواشنطن كان ولا يزال السماح بتضخّم خطر البعبع الإيراني من جهة، وعرض مظلة التعاون العسكري مع الحلفاء الخليجيين من جهة ثانية، بما يرسخ سياسة الأكل باليدين معاً!
ولكن ليس من معنى لترهات التطمين التي يحملها آشتون كارتر، عندما يقول أوباما قبل عشرة أيام “لا تحاسبوني على ما إذا كان هذا الإتفاق سيغيّر إيران وينهي سلوكها العدواني تجاه جيرانها العرب وسيقود الى تهدئة الخلاف السنّي الشيعي، حاسبوني على موضوع واحد فقط وهو هل سيمنع الاتفاق تطوير سلاح نووي خلال السنين العشر المقبلة”!
واذا كان هنري كيسينجر يقول إنه اتفاق سيئ لأنه لن يفعل شيئاً لتغيير ٣٥ عاماً من العداء التاريخي بين ايران والغرب، فإن خامنئي أكمل الصورة عندما قال: “سواء تمت الموافقة على الاتفاق أم لا لن نكفّ مطلقاً عن دعم أصدقائنا في المنطقة وشعوب فلسطين واليمن والعراق وسوريا والبحرين ولبنان، حتى بعد الإتفاق سياستنا تجاه اميركا المتغطرسة لن تتغيّر”!
أحد مستشاري أوباما رد على انتقاد الأمير بندر بن سلطان للاتفاق ولسياسة أوباما السيئة في المنطقة بالقول “ان الأمير بندر قادم من زمن آخر ومن عالم آخر ولا شك في انه متعاطف مع الحزب الجمهوري”، لكن اوباما هو عملياً القادم من زمن آخر وعالم آخر لأنه متعاطف مع من يهتف يومياً “الموت لأميركا”!