لا نريد أن نتوقف مرة أخرى عند الحلقة المؤلمة، حيال تصريحات وزير الخارجية والمغتربين التخريبية منذ بضعة أسابيع، لكن علينا أن نتوقف لنلاحظ ما وراء الستارة، والنية الحقيقية لهذه الهجومات الممنهجة، وما يختلجه صميم القلب، والاستراتيجية المختبئة، وطريقة التفكير، ليس للبنان الوطن وحسب، بل لكل القطاعات الإنتاجية، وأيضاً للجالية اللبنانية وسائر اللبنانيين في العالم.
علينا ألّا ننسى ولا نتناسى، أنّ هؤلاء السياسيين أنفسهم، من خلال سياساتهم الفاسدة والمدمّرة، حجزوا وصرفوا وأهدروا أموال اللبنانيين، وجنى عمرهم، وكل الموجودات التي كانوا يمتلكونها، ومن ثم راحوا يُحطّمون كل القطاعات الإنمائية والإنتاجية، فدُمّرت الشركات وتبخّرت الأشغال وهُرّبت الاستثمارات ولم يتركوا سنتاً واحداً مع أي لبناني.
ومن ثم لم تنته جريمتهم عند هذا الحد، بل راحوا يُلاحقون اللبنانيين والمستثمرين والرياديين الذين يتعاملون أو يعملون في الاغتراب، وخصوصاً في دول الخليج. وبعدما دمّروا موارد لقمة عيشهم في وطنهم الأم، لاحقوهم لتدمير هذه اللقمة ما وراء الحدود، من أجل ضرب كل نافذة يُمكن أن تُوفّر لهم السيولة والمردود وبعض الأوكسيجين لهم ولعائلاتهم، وكل الذين يدعمونهم.
نذكّر بأن بعض الشركات ورجال الأعمال الذين ما زالوا قادرين على المثابرة في لبنان، يعود الفضل في ذلك، الى انفتاحهم على الخارج، لا سيما مع دول الخليج. وقد أراد السياسيون تدمير هذا الجسر وأنابيب هذا التنفس. نذكّر بفخر، بأنّ إخوتنا المغتربين اللبنانيين الذين أُجبِروا على الإغتراب، كان لهم ذلك، خوفاً من الأسباب نفسها التي نعيشها في لبنان، تجنّباً لتفاقم الأحداث، أسوة بما يحصل في لبنان اليوم.
لقد غادر اللبنانيون إلى الإغتراب منذ سنوات وعقود، وبنوا لبنان الصغير في كل ركن من أركان العالم، ونجحوا وبرعوا في كل القطاعات الإنتاجية، وتميّزوا في إبداعاتهم وأفكارهم الخلّاقة، وإدارتهم المنتجة، وبَنوا لبنان النموذجي في كل مكان وُجدوا فيه.
أما السياسيون في لبنان، وبعد أن دمّروا هذ الوطن واقتصاده وشركاته، تابعوا خطتهم التخريبية، ويحاولون تدمير حتى لبنان الصغير الذي بناه إخواننا المغتربون في كل أنحاء العالم، ولا سيما في دول الخليج.
نذكر مرة أخرى، أن هدفنا ليس التوقف عند الخطأ الذي صدر مؤخراً، لأنه جُلّ مَن لا يُخطىء، لكن وراء الخطأ، هناك نية واستراتيجية تخريبية وتدميرية لإفقار الشعب، وكسر شركاته وتركيع اقتصاده.
ختاماً، إننا سنواجه هذا الفكر التدميري، بفكرنا الإعماري، وسنواجه النية التخريبية بنيتنا الإنمائية، وسنواجه الإستراتيجية السوداوية باستراتيجيتنا الإبتكارية. وسنثابر ونستمر بلا خوف، لكن بشغف وشرف.