Site icon IMLebanon

الخليج الى إسرائيل ولبنان الى إيران

 

 

لا أحد يعرف الى أين تأخذنا، بعد الهاوية، صناعة الكوارث في لبنان التائه. التائه حتى عن ذاته وجوهره ورسالته. والتائه عن القراءة في ما يدور في المنطقة ويؤثر عليه. ولا شيء يوحي أن ديوك الطوائف المتصارعين على الحصص فوق مزابل السياسات التافهة على استعداد لأن يسمعوا سوى صياحهم. فلا صوت يعلو، بما في ذلك صوت الإنهيار الكبير، على صوت المصالح الضيقة. وكلما ارتفعت أصوات المخنوقين بالأزمات في الداخل، وأصوات الخائفين علينا في الخارج من استمرار الفراغ وخطر الزوال، تكثّف الصمم في الآذان.

 

وليس تقديم المطالب الإنقاذية الى المافيا المتحكمة بنا والتي أفلست الدولة ثم أفلست الشعب عبر السطو على مدخراته سوى تمارين في العبث. فماذا بقي من لبنان وله حين نتكل على الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لمطاردة ديوك الطوائف ومفاوضة نظرائه في أميركا وايران والسعودية لكي تكون لنا حكومة؟ وماذا يعني ان يدرك رئيس الجمهورية أنه لا يستطيع تحقيق شيء من دون مجلس وزراء، ويعرف الرئيس المكلف أنه لا معلق ولا مطلق من دون تأليف حكومة، ثم نبقى بلا حكومة؟

 

المسألة أبعد بالطبع. فالمنطقة في مرحلة تحولات عميقة في اتجاهين كانت بدايتها عام 1979 عبر حدثين: معاهدة كامب ديفيد بين مصر واسرائيل، وقيام الثورة الاسلامية في ايران بقيادة الإمام الخميني. وليس ذهاب دول بعيدة مثل السودان والامارات العربية والبحرين الى اتفاقات سلام مع اسرائيل ظاهرة عابرة. فهو خطوة في مسار فتحته القاهرة وعمان ومنظمة التحرير واصطدم بمسار معاكس فتحته طهران وأخاف دول الخليج، حتى قبل امتداد النفوذ الى العراق وسوريا ولبنان واليمن.

 

والصورة معبرة: الخليج ذاهب الى اسرائيل، ولبنان ذاهب الى ايران. الخليج يفتح كل آفاق التطبيع والتعامل التجاري والتكنولوجي، ولبنان عائد الى سياسات النصف الثاني من القرن العشرين. ولكل خياره. لكن لبنان يفقد دوره التقليدي ويخسر الكثير في الخليج، حيث تأخذ اسرائيل مكانه، ويبدأ التضييق على اللبنانيين العاملين هناك. وليس من المعقول ألا يكون هذا الوضع المستجد محل نقاش وتفكير وتدبير.

 

قيل عن الجنرال ديغول انه تصرف دائماً على طريقة: “كما لو أن الفرنسيين يحبون الألمان، كما لو أن فرنسا ربحت الحرب”.

 

والظاهر اننا نتصرف كما لو ان لبنان بلد.