لا تتطابق التطمينات والمواقف الصادرة من مجلس الوزراء بالإستنفار الكامل لمعالجة الأزمات الناجمة عن عودة أكثر من أزمة إلى الواجهة في الساعات الماضية، وفي مقدمها أزمة المحروقات، مع الوقائع التي تُسجّل يومياً على خطّ الضغوط المعيشية المتزايدة، تزامناً مع تشنّج سياسي على صعيد التضامن داخل الحكومة، حيث تكشف أوساط سياسية واسعة الإطلاع، عن سقوط صيغة التوافق التي كان يجري العمل عليها أخيراً لإقفال ملف الأزمة المصرفية – القضائية، ووضع المقاربات القانونية لمعالجة هذا الملف على سكّة الحلّ. لكن هذه الأوساط، تستدرك موضحةً أن الأطراف المعنية بهذه الأزمة، وإن أرجأت البحث راهناً، فهي ستعود إلى طرح الملف بكل تفاصيله من خلال لجنة مختصة، بعيداً عن كل ما سبق وأن تردّد، ولمرتين متتاليتين، عن صفقة بقيت من دون أي ترجمة، أو تعليق من أي فريق سياسي.
وبحسب الأوساط السياسية نفسها، فإن توقيت التصعيد في مسار الأزمات الداخلية، وبالتوازي مع لحظة إقليمية بالغة الأهمية والدقة من حيث التحديات والتطورات الدراماتيكية، يرتدي طابعاً لافتاً، كما ويطرح تساؤلات حول ما ينتظر الساحة اللبنانية الداخلية في المرحلة المقبلة، لا سيما على صعيد الإستحقاقات الإنتخابية، وفي مقدمها الإنتخابات النيابية المقبلة، كون هذا التوقيت مرتبط في الدرجة الأولى بالإستحقاق الإنتخابي النيابي، خصوصاً وأن الأجواء الخارجية، والتي برزت مع الحراك الديبلوماسي الإقليمي في بيروت، وعلى أكثر من مستوى، تتناغم، وفق ما تكشف الأوساط ذاتها، مع موقف فرنسي وأيضاً أميركي، وقد صدر علناً عن وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يضغط باتجاه إجراء الإنتخابات النيابية، في ظلّ أجواء هادئة ومستقرة على كل المستويات سياسياً وأمنياً واجتماعياً.
وتشدّد الأوساط المطلعة، على أن من شأن هذه المعطيات أن تفتح صفحةً جديدة لجهة عودة العلاقات الديبلوماسية مع دول الخليج، وتأكيد الدعم الإنساني للبنان لمواجهة ارتدادات الأزمة الإقتصادية، وبالتالي، من شأن ذلك أن يرخي عامل اطمئنانٍ إضافي للبنانيين، لا سيما وأن الإنفتاح الخليجي يتزامن مع تحوّلات نوعية إيجابية في المنطقة على مستوى العلاقات الإقليمية. وبالتالي، فإن المشهد السياسي العام، كما الإنتخابي، يبدو معلّقاً على إيقاع الحلول البديلة لأزمات المحروقات والغذاء والكهرباء، علماً أن احتواء أزمة البنزين، أو تأجيلها لمدة شهرين بعد قرار مصرف لبنان في هذا الشأن، سوف يعزّز العوامل المشجّعة على التركيز على الملف الإنتخابي، من قبل كلّ الاطراف المحليين المعنيين بهذا الإستحقاق الإنتخابي، ومن خلال البدء بشكل عملي في تحريك ماكيناتهم الإنتخابية، والسعي إلى حسم التحالفات واللوائح قبل الرابع من نيسان المقبل، تمهيداً لخوض الإنتخابات النيابية في 15 أيار، خصوصاً وأن هذه الإنتخابات، وكما تؤكد الأوساط السياسية نفسها، قد باتت أمراً واقعاً لا مفرّ منه، وبالتالي، من المحسوم إجراؤها في موعدها المحدّد، حيث ما من معوقات أو عراقيل ستحول دون أن يبادر اللبنانيون إلى التوجّه إلى صناديق الإقتراع.