حراك السفيرين السعودي والكويتي تأكيد على أن لبنان لن يغرِّد خارج السرب
كل المعطيات تؤشر إلى أن الزخم الدبلوماسي للسفيرين السعودي والكويتي وليد البخاري وعبدالعال القناعي، بعد العودة الخليجية إلى بيروت، مرشح للاستمرار وبقوة في المرحلة المقبلة، حيث الخطوط مفتوحة بين الرياض وباريس لمواكبة التطورات المتسارعة التي أعقبت هذه العودة. باعتبار أن هناك تنسيقاً سعودياً فرنسياً بشأن المساعدات للشعب اللبناني، بدأ منذ اجتماعات باريس التي سبقت الانفراجة في العلاقات اللبنانية الخليجية، وسط حديث متزايد عن إمكانية تقديم دعم مالي خليجي لمصرف لبنان، سعياً من أجل تخفيف معاناة اللبنانيين الذين باتوا يفتقدون لأدنى مقومات حياتهم اليومية.
وهذا ما تم التطرق إليه في اللقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون والسفير البخاري الذي جدد التأكيد على حرص بلاده دعم الشعب اللبناني، في حين شدد السفير القناعي بعد اجتماعه برئيس الحكومة نجيب ميقاتي على نجاح المبادرة الكويتية، وهذا ما سيفتح الأبواب أمام لبنان للحصول على مساعدات خليجية وعربية، تنتشله من المأزق الذي يعيشه. لكن ذلك يبقى مرتبطاً إلى حد بعيد، بمدى قدرة لبنان على أن يثبت أنه صاحب القرار، وأنه لن يكون مصدر تهديد للدول الخليجية أو غيرها من الدول العربية. وما إسراع دولة قطر إلى إرسال سفير جديد لها إلى بيروت، وتقديمه أوراق اعتماده إلى رئيس الجمهورية، بعد وقت قصير على وصوله، إلا دليل إضافي على الحرص الخليجي على العودة الفاعلة والقوية إلى لبنان، البلد الذي لا يمكن أن يغرد خارج سربه العربي.
«حزب الله» يستنفر الحلفاء والقواعد الشعبية استعداداً للانتخابات ولما بعدها
وبالتأكيد فإن حركة السفراء الخليجيين اللافتة، تعكس وجود قرار خليجي واضح بالعودة القوية إلى لبنان، في ظل الاستحقاقات الداهمة التي تنتظره، على وقع اهتمام دولي بارز بتطورات الأوضاع اللبنانية، حيال الملفات التي تتصدر واجهة الأحداث في البلد. ولا تخفي أوساط نيابية معارضة بارزة، القول، إن «الحراك الخليجي الدبلوماسي في بيروت، غايته توجيه رسائل في كل الاتجاهات، وتحديداً إلى إيران وحلفائها، أن لبنان لن يكون إلا عربياً، من خلال الاحتضان العربي المتجدد له لمساعدته على تجاوز أزماته»، مشددة على أن «حزب الله وحلفاءه ممتعضون من عودة الاهتمام الخليجي بلبنان، وهم لن يتوانوا عن التشويش على هذا الاهتمام بكافة الوسائل الممكنة في المرحلة المقبلة. وهذا ما ظهر من خلال عودة الأمين العام لحزب الله إلى مهاجمة المملكة العربية السعودية، في وقت كان سفيرها يؤكد خلال الإفطارات الرمضانية التي يقيمها على حرص بلاده على دعم لبنان وشعبه.
وسط هذه الأجواء، شددت أوساط قيادية في المعارضة على أن «حزب الله يقوم باتصالات يومية مع حلفائه من أجل استنفار القواعد الشعبية، وإزالة التباينات بين القيادات، استعداداً للانتخابات النيابية ولما بعدها»، مؤكدة، أن «المرحلة المقبلة ستشهد تكثيفاً في حركة الاتصالات التي يقوم بها الحزب ، انطلاقاً من سعيه لمواجهة العودة الخليجية إلى لبنان، وحرص هذا الفريق بكافة الوسائل الحصول على الأغلبية في البرلمان الجديد». وتحت هذا العنوان جاء لقاء الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، مع ما يمكن أن يستتبعه من لقاءات أخرى بين قيادات محسوبة على قوى الممانعة.
وفيما تبدو كل المعالجات قاصرة عن وقف معاناة اللبنانيين في ليلهم الطويل، وسط عجز المسؤولين والحكومة على حد سواء، وهذا ما ظهر من خلال أزمة القمح، بانتظار الإفراج عن الاعتمادات المطلوبة، فلا مجال أمام لبنان إلا السير وفق الخطة التي تم وضعها مع صندوق النقد الدولي، وإلا سيخسر كل شيء، لأنه لم يعد هناك مجال للمماطلة واللف والدوران. وما طلبه وفد الصندوق، يشكل خارطة طريق واضحة المعالم لا بد من التزامها والتقيد بها، وإلا فإن النتائج ستكون وخيمة. ولذلك فإن صندوق النقد ينتظر الترجمة العملية لما تعهد به لبنان، وحتى قبل موعد الانتخابات النيابية، وتحديداً ما يتصل بإقرار خطة التعافي الاقتصادي، ومن ضمنها الـ«كابيتال كونترول». وعلى هذا الأساس يتوقع عقد جلسة لمجلس النواب قبل نهاية نيسان، من أجل إقرار ما تم التوافق عليه.