IMLebanon

موطن الأزمات بامتياز

 

 

أن تتناسل الأزمات، عندنا، ليس بالأمر الغريب، فالغريب والأغرب ألّا تتوالى الأزمات الكبرى علينا ونحن نعيش أزمة نصوص، وأزمة نفوس، وأزمة طاقم سياسي ليس له مثيل في العالم، إلى درجة أنك لو أُعطيتَ أن تركّب مثله، في أي ركنٍ من الزوايا الأربع في هذه المعمورة، لعجزتَ عن أن تجد مثيلاً لمعظم أركانه من حيث «براعتُهم» في الإساءة إلى وطنهم، و»تفوقهم» في الفساد، وقدرتهم الفائقة على الإساءة إلى «الرعايا»…

 

إن بينهم مَن يفاجئك بموهبته الفذّة، في حين أنت تعتقد أنه خالٍ من أي موهبة… فلا تخطئ التقدير. بلى هو «موهوب»، ولكن على حدّ قول الراحل الكبير سعيد عقل توصيفاً لأحدهم: هذا موهوب! ولما استغرب السامعون كلام الشاعر الكبير إلى حد الاستهجان، لأنهم يعرفون المشار إليه بأنه مغرِقٌ في السخافة، قال لهم عقل: أنا مصرٌّ على أن فلاناً هو موهوب، إنه موهوب تفاهة و… بامتياز!

 

مع هكذا طاقم سياسي بالكثيرين من جماعة تركيبته، هل نستغرب أن تتناسل عندنا الأزمات؟!.

 

أمّا عن النصوص فحدّث ولا حرج. ويجب الاعتراف بأن نظامنا عقيم، لماذا؟ لأنه عاجز عن إنتاج أيّ حلٍّ لأي معضلة أو أزمة أو مأزق، والعكس صحيح، لذلك نجد أنفسنا، بين الحين والآخر أمام الأبواب الموصَدَة بإحكامٍ في وجه الحلول.

 

إنه نظام الرؤوس العديدة، وليس الرؤوس الثلاثة فحسب. إن هذا النظام يسمح، باسم الديموقراطية حيناً والميثاقية حيناً آخر، للزعيم أن يعرقل مسار السلطة، وللوزير أن يوقف قرارات مجلس الوزراء ذات الصلة بالحقيبة التي يتولاها، (وهذا تَرَفٌ لا يتمتع به حتى رئيس الجمهورية)، وأن يكون لرؤساء الطوائف ليس فقط حق الفيتو (النقض) بل أيضاً حق القرار في ما يجب أن يكون أو لا يكون…

 

ناهيك بالنظام ذي الرؤوس الثلاثة، وقد أثبتت التجربة المديدة أنهم قلّما يتفقون على أمر، وبالطبع فإنهم يختلفون على جنس الملائكة وكل جنس آخر…

 

أمام هكذا نظام كيف سيستقيم الوضع، ويستوي الحال؟!.

 

وفي الموازاة، كيف سيتغلّب لبنان على أزمة مصيرية كبرى، مثل هذه الناشبة بين لبنان والمملكة العربية السعودية مع ما لها من انعكاسات خطيرة وتداعيات مدمِرة؟!.