IMLebanon

الدول الخليجية تترقب التوازنات المقبلة

وعد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، اللبنانيين بأنهم سيحصلون على قانون إنتخابي جديد، فيما أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق، بأن الإنتخابات ستجري وفق صيغة جديدة يتطلب التحضير لها عدة أشهر. وأعلن وزير الخارجية جبران باسيل من بكركي، بأن القانون الذي كان قد طرحه التيار الوطني الحر على بكركي سابقاً، يسلك طريقه نحو التنفيذ. أي ان خلاصة هذه المواقف تأتي تاكيداً على ان الإستحقاق الدستوري هذا سيجري ولو بعد حين، وسيعمد مجلس النواب للتصويت عليه، إذا ما تمكّنت اللجنة المنبثقة عن إفطار قصر بعبدا، من تأمين قواسم مشتركة للتجاذبات الحاصلة بين القوى السياسية، التي تتنازع النتائج قبل إعداد اللوائح، وإجراء الإنتخابات.

فمأزق قانون الإنتخاب، منذ بداية النقاش فيه، يكمن في النتائج، التي ستعكس توازنات نيابية، لإستعمالها في الإستحقاقات بحدود معينة، نظراً لوجود موازين قوى غير متكافئة، أطاحت مرات عدّة بما خلصت اليه العمليات الديموقراطية في لبنان.

والواضح منذ اليوم، بأن القوى السياسية تراهن على التفاصيل والضوابط، في القانون الإنتخابي المرتقب، لحماية ذاتها. ما من شأنه أيضاً أن يبقي إمكانية إقرار هذا القانون،الذي يعتمد النسبية على قاعدة 15 دائرة على المحك، خصوصاً أن عدد من المطالب المسيحية لم تتوفر بعد كضمانات، من الممكن تجاوزها في المستقبل، وعندها «يلحس المبرد» هذا الفريق المسيحي، الذي يتسابق في تبني القانون الإنتخابي الذي سيقرّ، لأن الحسابات الظاهرية لدى هذه القوى  تبقيهم فاقدين لأي إستراتيجية، او بعد النظر في الحد الأدنى، فإندفعوا نحو قانون النسبية تجاوباً مع المطلب هذا الذي أصرّ عليه حزب الله، وراحوا يجمّلون تداعياته السلبية بهدف إقناع ذاتهم، وإرضاء حزب الله، طمعاً لكسب ودّه.

لكن في ظل إندفاع القوى السياسية لإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها، فإن ثمة ترقب خليجي لنتائج هذا الإستحقاق، إذا ما خلصت الى حيازة حزب الله وحلفاؤه على تكتل نيابي، يمكنه من التأثير أكثر على المعادلة السياسية في لبنان، الى حد يصل الأمر، حسب الأوساط الديبلوماسية والعربية، الى إعتبار لبنان ذو وجه إيراني، وأصبح داخل محور الممانعة بكامل واقعه، وتناسى عضويته في جامعة الدول العربية.

ويصل الكلام في هذا المجال لدى الاوساط الى حد التذكير، بالمرحلة التي تبعت إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، وما شهدته من إنكفاء عربي – خليجي وسعودي بنوع خاص، عن الساحة اللبنانية، الى حين نضوج التسوية الرئاسية الإقليمية، بإنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. وحمل الأمر بعدها من تقارب مستجد مع السعودية، ما لبث أن تلاشى بعيد زيارته لها، وإطلاقه كلاماً واضحاً يدافع فيه عن المقاومة وحزب الله.

إذ جاءت ترجمة الغضب السعودي من موقف عون، بعدم دعوته الى القمم التي شهدتها الرياض، بعد تفاهمها مع واشنطن، تحسّباً من دفاع  رئيس الجمهورية اللبناني عن حليفه حزب الله، في لقاءات السعودية، ويؤدي ذلك لوضع لبنان في «عين العاصفة» الآتية على المنطقة. ولذلك كانت الدعوة لرئيس الحكومة سعد الحريري، من زاوية عدم قطع «شعرة معاوية» مع لبنان. فالمطلوب منه وفق المنطق الخليجي، إظهار إلتزام أكبر تجاه الخط التي تقوده السعودية على ما جاء في اللقاء مع ولي ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان.

وفي منطق الدول الخليجية أن ما كان يعلنه عون قبل رئاسة الجمهورية، يؤخذ من منظار معيّن، لكن بعد إنتخابه رئيساً، وتولي الحريري رئاسة الحكومة، لم يعد مقبولاً هذا النمط من المواقف، لأن على رئيس تيار المستقبل، الذي شكّل رافعة لوصول عون الى بعبدا،  أن «يجاهد» لضبط موقف عون إذ كان من الصعب إستيعابه.

لذلك سيربح لبنان ، أشهراً جديدة، إذا لم تصدر مواقف رسمية متفقة مع إيران، أو تصنّف نقيضة لسياسة القمم، التي شهدتها السعودية، كما سيكون تحت المجهر حتّى نتائج الإنتخابات النيابية. لأن هذه الدول ترصد بدقّة النتائج التي ممكن أن يحققها فريق الممانعة، على حساب حلفائها على الساحة اللبنانية، سواءً كان الأمر بتمكنه  من تقليص حصّة تيار المستقبل، نتيجة خروقات يحققها عليه أخصامه في البيئة السنية، لصالح حزب الله، أم من خلال توسّع كتلة التيار الوطني الحر الحليفة لحزب الله، نتيجة تفاهم معراب مع القوات اللبنانية. أي ان هذه الدول لن تتقبل هذه النتيجة، وسيكون لها موقفاً واضحاً في حينه.

ورغم هذا الترقب للساحة اللبنانية، فإن تداعيات التفاهم الواسع بين الرئيس دونالد ترامب، وبين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، لم يلقَ بتداعياته الميدانية على الساحة اللبنانية، ولا هي ستخضع لتجاذبات على غرار الواقع الكردي، بحيث تسلّح واشنطن الأكراد مقابل نمو التحالف بين روسيا وتركيا، او لبداية الحركة الدراماتيكية، لإرهاق الرئيس السوري بشار الأسد عسكرياً. لكن ما تتوقف عنده هذه الدول، هو أن التيارات الحليفة لهذه الدول، تسامحت مع حزب الله، وضعفت أمامه، في وقت إنشغلت هي في تهديدات إقليمية مصيرية، ذات طابع وجودي.

فلا تريد هذه الدول أن تدخل لبنان في مواجهة، أو تحرض فريقاً ضد آخر، وان هي تعتبر بأن الرئيس الحريري، يحتسب الأيام، لصدور قرار المحكمة الدولية، التي تنظر في إغتيال والده الشهيد رفيق الحريري لادانة حزب الله أم هو يترقب أيضاً مصير العقوبات القاسية، التي ستفرضها واشنطن على حزب الله وحلفائه، فإنها تجد بأن ثمة أدبيات سياسية غابت عن لسان حلفائها في قوى 14اذار، ولها صلة بدور حزب الله، في لبنان وعلى أرض الإقليم العربي، لان هذا السكوت الملتبس، هو تهاوناً وضعفاً غير مقبول لا سيما عندما يهاجم امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله السعودية ودوّل الخليج ولا يصدر موقف رافض لكلامه من قبل القوى الحليفة لكل من الرياض ودول الخليج، بحيث لم يعد يصح ما أبلغته هذه القوى لجهات عربية بانها تتريث للانقضاض في الوقت المناسب متى انهك حزب الله، لان المكتوب يقرأ من عنوانه وسكوت هذه القوى هو تراجع وليس ثريث …