IMLebanon

الخليج لطهران: النووي مقابل النووي!

«ممنوع أن يكون لبنان في حضن إيران»

الخليج لطهران: النووي مقابل النووي!

الانفراج بين إيران والغرب لن ينعكس إيجاباً على مقاربة ملفّات المنطقة من وجهة نظر الدول الخليجية التي، بالرّغم من ترحيبها بالتوقيع على الاتفاق الأولي بين طهران ودول مجموعة الستّة (في نيسان الفائت) والذي أقرّ تخفيض أنشطة إيران النووية بما يمنعها من تطوير أسلحة نووية ويرفع العقوبات المتراكمة، فإنّ هذه الدول، وفي مقدّمتها السعودية وقطر والإمارات، تنظر بعين الريبة الى إيران والى الإدارة الأميركية الحالية بقيادة الرئيس باراك أوباما. تصف أوساط خليجية متابعة عن كثب لتفاصيل المفاوضات بين جنيف وفيينا بأن الاتفاق العتيد هو «أوباميّ» (نسبة الى الرئيس الأميركي باراك أوباما) وليس أميركيّا، ولا تزال الدول الخليجية مشككة بسياسة أوباما وتشبّهها بالسياسة التي انتهجها سلفه جورج بوش الابن في العراق والتي تبدّت نتائجها الكارثية بعد قرابة الـ10 أعوام، «وبالتالي سيكتشف الأميركيون سلبيات هذه الثقة الممنوحة لإيران في الأعوام المقبلة».

لا تتوقع الأوساط الخليجية أنّ ينعكس هذا الاتفاق إيجابا على المنطقة، بل هي تبشّر بحمله «سلبيّات عارمة»، وخصوصا في شأن ملفّ العراق الذي يتوقّع الخليج أن يزيد تدخّل إيران فيه وأن يزيد دعمها للميليشيات التي تدور في فلكها. الأمر سيّان في اليمن الذي «خرّبت» فيه إيران ما خربته عبر الحوثيين المستمرين بتعاطيهم الانقلابي، وقد نجحت عملية «عاصفة الحزم» في صدّ المدّ الإيراني، لكنّها لم تنجح في استعادة زمام القرار وذلك بسبب القبضة الحديدية للرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح على الجيش والشعور بعقدة السعودية لدى الكثير من اليمنيين، وفق الأوساط الخليجية.

أما الملفّ الثالث فيتمثل بسوريا، حيث يتوقع الخليجيون أن تستمرّ إيران في سياسة «تشليع» الدولة السورية عبر استمرار دعمها لحكم الرئيس بشار الأسد من دون الأخذ في الاعتبار ما يولّده دعمها من تدمير لبنى الدولة السورية بمؤسساتها ومن تشريد للشعب السوري.

أما الملفّ الرابع فهو لبنان، وهنا تؤكد الأوساط الخليجية أنّ الخليج لن يسمح بأن يقع لبنان في الحضن الإيراني، متوقعة أنّ تنشّط السعودية مساعداتها لحلفائها وخصوصا «تيار المستقبل» وقوى «14 آذار».

مواجهة نووية و.. صاروخية

لكنّ اللافت هو العزم الخليجي على مواجهة هذا الاتفاق بسلبيّة مطلقة، وثمّة قرار خليجي استراتيجي باستثمار فترة سماح الـ10 أعوام التي حددها الاتفاق الأولي لكي تنطلق في سباق تسلّح نووي وصاروخي تمّ الاتفاق عليه بين الدول الخليجية في قمّة كامب دايفيد الأخيرة مع الرئيس أوباما، ولاقت موافقة الولايات المتحدة الأميركية.

وبحسب الأوساط الواسعة الاطلاع، ترصد السعودية لهذا البرنامج ما يقارب الـ60 مليار دولار أميركي، ستجعل منها قوّة نووية عام 2025 تمكّنها من مواجهة التفوقّ النوعي الإيراني الصاروخي والنووي.

أما التضامن الخليجي فهو ممتاز، بحسب هذه الأوساط، وخصوصا مع بدء التعاون الإيجابي في ليبيا بين الإمارات العربية المتحدة وقطر بعدما ساد التوتر بين الدولتين، في حين أن الأمر يستمرّ على حاله في مصر التي لم يحسم أمرها بعد.

يبقى الإرهاب الشغل الشاغل للخليجيين اليوم، وخصوصا في ظلّ غياب استراتيجية أميركية واضحة المعالم لمحاربة «داعش»، وتحكّم الولايات المتحدة الأميركية المطلق بضرب مواقع هذا التنظيم الإرهابي الذي يرى فيه الخليجيون خطرا يطرق أبوابهم، لكنّهم يبقون متسلّحين باليقين بأن هذه الأبواب لن تخرق بفعل المنظومة الأمنية والسياسية القوية لبلدانهم، علما أنّ اغتيال الرجل الثالث في مصر ممثلا بالنائب العام المصري هشام بركات الأسبوع الفائت كان إشارة مقلقة من التطرّف الإسلامي المستشري والقادر على اختراق المنظومة الأمنية المصرية الضيقة.

في هذا الإطار، يفتش مجلس التعاون الخليجي عن استراتيجية دفاعية خليجية موحّدة ليست واضحة المعالم بعد، غير أنّ كلّ ذلك لن يعيد عقارب الساعة الى الوراء مع إيران التي تشكّل التهديد الأول لأمن الخليج، بحسب ما ترى دول الجزيرة العربية.

أمّا ما يثير حفيظة الخليج فهو اعتقاد إيران وتصرّفها وكأن الدول الخليجية تأتمر بأوامر الولايات المتحدة الأميركية، وهو أمر غير صحيح من وجهة نظر هذه الدول التي تبدي استغرابها من الرهان الإيراني على أنّ التعاون الخليجي معها حاصل من دون أن تضطر للنقاش في المواضيع الخلافية الشائكة، وهو ما لن يحدث بنظر الدول الخليجية الحاسمة بأمرها في الدخول بسباق تسلّح يقوّي منظومتها الصاروخية ويدخلها الى النادي النووي.