خبر نُشر في “الوكالة الوطنية للإعلام” عن سلوك مسلحين اثنين غريبين عن منطقة زغرتا طريقاً فرعية بين محلة المرداشية، حيث يوجد مُجمّع نادي السلام الرياضي وبلدة أرده، كان كافياً لارتفاع منسوب القلق لدى أهالي قضاء زغرتا. حاول هؤلاء التأكد من المعلومات، خاشين أن يكون ذلك مؤشراً على أن تتعرض منطقتهم لهجومات إرهابية، تماماً كما حصل في بلدة القاع البقاعية منذ 12 يوماً.
البلبلة التي أثارها الخبر، دفعت الجيش اللبناني إلى “تمشيط” المنطقة، بساتين الليمون تحديداً، لعدة ساعات. لم يعثر عناصر الجيش على أي مسلحين، ولكنهم أوقفوا أحد النازحين السوريين مع دراجته النارية لعدم امتلاكه أوراقاً ثبوتية. وصباح أمس، نصب عناصر من فرع المعلومات حاجزاً عند مستديرة أرده، على الطريق الرئيسية التي تربط طرابلس بالضنية وتمر بالبلدة، فدققوا في أوراق السيارات والمارة.
التدابير التي اتخذتها القوى العسكرية والأمنية لم تكن كافية لتبديد أجواء القلق، ولا سيما أنه لم يصدر بيان رسمي عن قيادة الجيش أو فرع المعلومات يوضح حقيقة ما حصل. هذا الأمر، أسهم في انتشار الشائعات والمعلومات المتناقضة. مثلاً، ذُكر في الخبر المنشور أنّ أحد أبناء المنطقة اتصل بمركز استخبارات الجيش في زغرتا مُبلغاً إياه بما رأى. في حين أنّ عدداً من السكان قال إن الخبر انتشر على بعض المواقع الإخبارية وعلى صفحات التواصل الاجتماعي قبل الاتصال بمركز الاستخبارات، فمنهم من فوجئ بانتشار عناصر الجيش على الطريق المذكور. كذلك، إنّ الطريق التي قيل إن المسلحين سلكاها تصل إلى طريق الضنية ــ طرابلس، أي إلى أطراف القضاء وليس إلى مدينة زغرتا، ما يعني أنها “نظرياً” غير مُستهدفة. هذه التناقضات جعلت الأهالي يطرحون علامات استفهام حول صحة الخبر.
في البداية، توجهت الأنظار إلى النازحين السوريين في المنطقة. إلا أنّ هذه النظرة “الاتهامية” لم تلبث أن تراجعت، لأنه لا دليل على أن المسلحين المفترضين جنسيتهما سورية. وفضلاً عن أنّ بعض الأهالي رجّح أن يكونا من الصيادين أو اللصوص، فإنه لا يوجد مُخيم أو تجمع للنازحين السوريين في نطاق قضاء زغرتا. أغلب هؤلاء يوجدون في “الزاوية” منذ سنوات طويلة وهم، إجمالاً، يعملون في قطاعي الزراعة والبناء ووجودهم قانوني بعد أن رتبوا أوضاعهم أخيراً.
أعاد هذا الخبر إلى الأذهان أحداث مُخيم نهر البارد عام 2007، حين أشيع أن المسلحين الفارين من المخيم في الأيام الأخيرة من المعارك عبروا في بلدات قضاء زغرتا، وهم في طريقهم إلى مناطق أخرى، الأمر الذي دفع الجيش والقوى الأمنية والأهالي إلى تشديد إجراءات الحيطة والحذر. الأهالي الذين تعاملوا مع الخبر بجدية، رأوا أنّ من اللازم مضاعفة الإجراءات الأمنية، خاصة أن الظروف حالياً تختلف عمّا كانت عليه قبل تسع سنوات، يوم لم يكن خطر الجماعات التكفيرية يقض مضجع اللبنانيين. يريدون من الخبر أن يكون عامل دفع للقوى العسكرية والأمنية لاتخاذ المزيد من الإجراءات، خاصة مع انتقال معظم أهالي المدينة إلى منطقة اصطيافهم، إهدن. فهم يخشون أن تكون هذه مناسبة يغتنمها المسلحون أو الصيادون أو اللصوص لتنفيذ مآربهم.