Site icon IMLebanon

زيارة غوتيريش الإنسانية

 

أسهل ما يمكن قوله في مواجهة الفاجعة اللبنانية أن الإنتخابات النيابية هي مفتاح الحل. الأمين العام للأمم المتحدة لم يقل شيئاً عملياً في السياسة غير رهانه على هذا “المفتاح”، وبقية تصريحاته التضامنية مع الشعب اللبناني وجيشه وأجهزته الأمنية، تحمل معنى فقدان الثقة بالطاقم المتحكم، لكنها لا ترقى الى مستوى الموقف السياسي الصريح الذي يربط الحل بتنحية هذا الطاقم.

 

منذ زمن لم يحلّ ضيف اممي كبير في لبنان. احتل الفرنسيون الساحة مع زيارتين للرئيس ايمانويل ماكرون اعقبتا تفجير المرفأ، ثم توافد ممثلوه ليخرجوا جميعاً بإدانات صريحة للمنظومة، لكن في الترجمة العملية خلص الفرنسيون الى إعادة تثبيت المنظومة في الحكم، وعندما انتهت تجاذبات المنضوين جميعاً تحت سقف المبادرة الفرنسية الى تشكيل حكومة من الإختصاصيين المستقلين، نسفت الحكومة في إجتماعها الأول على يد وزير مستقل يقود جمهرة من المستقلين المدججين!

 

إنصرف الفرنسيون ومعهم المجتمع الدولي عن المساهمة السياسية وتحديد موقع العقدة الرئيسية في الوضع اللبناني الى العمل الإغاثي والانساني لدعم الشعب اللبناني. وصار عمل المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة أشبه بعمل “حكّام الزيح” في مباريات الكرة. يقفون ويراقبون أو يتحركون بعض الشيء ثم يقولون ما شاهدوه. المنظمات الدولية تقوم بشيء مشابه. تراقب صعود الفقر واتساع فئات الناس المعنية به ثم تقدم تقريرها، والتتمة في المزيد من النشاط الإنساني لتلبية الحاجات اللبنانية التي تلتصق بها وربما بدرجة متقدمة حاجات الأشقاء السوريين الذين نقلوا من شرق السلسلة الشرقية الى غربها في غفلة عن الامم المتحدة وقادة العالم.

 

حتى إشعارٍ آخر سيبقى التعامل مع لبنان بوصفه قضية إنسانية، وسيقال أن حلّها السياسي سينتظر الإنتخابات النيابية والرئاسية، واصحاب هذا الرأي الأمميون يعرفون أن الأمر غير صحيح، ففي السابق فازت أكثرية فتحكمت الأقلية، وفي الربيع المقبل لن تحدد النتائج طبيعة الحكم بمقتضى قانون الرعد والبرق. يُشكر انطونيو غوتيريش على زيارته ومعاينته الوقائع اللبنانية، وعلى جولته في المتحف السياسي لأركان الدولة، ففي الحصيلة سيتأكد من انطباعات ممثليه وممثلي دول العالم في بيروت، ان الأهم في محطاته اللبنانية هو تفقده القوات الدولية في الجنوب، فهذه القوات ومصيرها ودورها في اي اندلاع محتمل للصدام بين اسرائيل وإيران، هي الهمّ الفعلي الراهن للقوى الدولية، أما لبنان فسينتظر على باب المعونة الانسانية.