IMLebanon

“الأذان من آيا صوفيا”

قبيل أسبوع من توجه الناخبين الى صناديق الاقتراع، دفع المشهد التركي بالرئيس رجب طيب اردوغان إلى استخدام اسوأ ورقة انتخابية عبر التلاعب بمشاعر الاسلاميين لاستعادة أصواتهم. لذا انتشر في الايام الاخيرة فيديو لحملة الحكومة الانتخابية، يصوِّر مؤذِّناً يصدح بالأذان من على منارة آيا صوفيا، ليذكّر الناخبين بوعد أردوغان القديم بتحويل أكبر كنيسة في اسطنبول مجدداً إلى مسجد.

وفي المشهد الايراني، حيث التقدم التكنولوجي، ومنه النووي، على أشده، بما يزعج الغرب ويقلقه، ينحصر المشهد كله في عباءة مرشد الثورة الاسلامية، ولا يتعداها اطلاقا، فالحرس الثوري امام باب كل من يشتهي التغيير ويطلبه. وتبدي ايران استعدادها التام لتصدير الثورة الاسلامية الى الخارج، لا العلوم التي تقدم الفرس في مجالاتها.

وفي المملكة العربية السعودية، الدولة العربية الافعل والاقوى والاغنى، يرتبط اسم مليكها بصفته خادما للحرمين الشريفين، ولعل اهم ما يفعله، ارضاء لربه، وخصوصا لشعبه، غسل الكعبة المشرفة. ولا يزال دور المطاوعين (اي الشرطة الدينية) فاعلا في المجتمع على رغم محاولات التخفيف من سطوتهم.

وفي مصر العروبة، التي عرفت عصرا ذهبيا، لم يستطع الاقباط المسيحيون عيش مواطنتهم كاملة، او نيل حقوقهم الطبيعية. اما سوريا والعراق فسقط فيهما نظام البعث العلماني تحت وطأة دعاة التدين والارهابيين التكفيريين من المتلحفين بالدين.

ومن حولنا، وعلى امتداد العالم العربي، “دواعش” بالجملة، وتحت تسميات مختلفة، تألبوا من كل أقطار العالم، ليؤسسوا دولتهم.

في المقابل، تحرض إسرائيل جيرانها والعرب أجمعين على مزيد من الاقتتال الطائفي والمذهبي، وصولا الى رسم خرائط لدول جديدة تقوم على اتنيات وأعراق وطوائف ومذاهب، تتناحر في ما بينها، فتبرر وجود اسرائيل دولة لليهود في العالم.

في ظل هذا المشهد الذي يزداد تعقيدا، والذي تتداخل فيه كل الظروف الآنفة الذكر، وتؤثر في توجهات ابنائه، كما في علاقتهم بعضهم ببعض، وفي القرارات الاساسية التي يتخذها مسؤولوهم ونوابهم، تبرز دعوات الى تطوير النظام اللبناني، وتعديل الدستور، وتطبيق الطائف، وإلغاء الطائفية، واستفتاء الشعب، وغيرها من المطالب، التي تبدو كأنها تدور في فلك آخر خارج عالمنا الارضي. فلبنان غالبا ما شكل التوافق فيه نقطة تقاطع اقليمية ودولية، وهو اليوم يعيش تداعيات هذا التباعد والافتراق في التوجهات والسياسات، وهذا ما يعطل استحقاقاته، والاستحقاق الرئاسي تحديداً.

في ظل هذا المشهد الطائفي البغيض، هل الوقت مناسب للتغيير، وهل يحتمل لبنان المضي بعكس السير؟ بالطبع لا. الستاتيكو الحالي هو الافضل.