IMLebanon

سلحفاة لاهاي وأرنب دمشق

ما شهدناه هذا الاسبوع في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لا سيما الشهادة المهمة التي أدلى بها النائب مروان حماده أكد بما لا يقبل الجدل أن هذا الصنف من العدالة يعمل وفق ايقاعه الذي لا يأبه بمن هو على عجلة من أمره. انها عدالة العقل الذي يمثل النقيض لـ”عدالة” الجنون التي يمارسها تنظيم “داعش” قاطع الرؤوس ونظام الاسد قاتل الاطفال بامتياز وفق تقرير الشبكة السورية لحقوق الانسان. ولأن ميزة العقل هي التروي بدت الايام الاربعة التي أمضاها حماده في محكمة لاهاي أشبه بسلحفاة تمضي في مضمار سباق العدالة نحو خط النهاية. ربما يعيد هذا التشبيه الى الذاكرة حكاية الاطفال الشهيرة حول سباق الارنب والسلحفاة الذي تفوز فيه الاخيرة مما يثير دهشة الاطفال الذين يبدأون تفكيراً طفولياً لكي يستوعبوا هذه المفارقة على رغم توضيحات الحكاية وتبريراتها. لكن مع الاعتذار المسبق من الارنب اللطيف، نحن في حالة اضطرار الى تشبيهه بنظام الاسد في مقابل تشبيه المحكمة بالسلحفاة مع اليقين بأن السباق نحو العدالة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه سيكون معقوداً لمحكمة لاهاي وليس لـ”أرنب” دمشق، علما أن هناك “أرانب” كشفها التحقيق سابقا وتطالها المحكمة لاحقا باعتبار ان نظام الاسد كان له رفاق في الوليمة الدموية التي هزت لبنان والعالم في شباط عام 2005 ودمّرت سوريا ابتداء من آذار 2011.

تعليقان هذا الاسبوع حول المحكمة. يقول الاول، وهو من النائب محمد رعد رئيس كتلة “حزب الله” النيابية: “بالنسبة لما يسمى بالمحكمة الدولية لا يعنينا ذلك في شيء ولا نسمع ولا نقرأ حولها”. أما التعليق الثاني، وهو من حليف الحزب العماد ميشال عون فيتساءل لماذا يقتل الاسد الحريري طالما انه مدّد ولاية اميل لحود كما طالبت دمشق؟ مع الاخذ في الاعتبار ان تساؤل عون أخف وطأة من انكار رعد فإن الرجلين لا يجدان في انطلاق المرحلة الثانية من أعمال المحكمة ما يدعو الى العجلة في ابداء القلق. فلا “حزب الله” يخشى أن تبدأ حملة مطاردة للقبض على المشتبه فيهم من أفراد الحزب بأنهم ضالعون في جريمة 2005 ولا العماد عون يرى أن أيام بشار الاسد باتت معدودة كي يقفز من قطار تأييده. وعليه فإن عدالة لاهاي تبدو بعيدة عن التأثير في مجرى الاحداث اللبنانية التي هي منشغلة بفساد الاغذية لا بموت الضمائر. ولأن الشيء بالشيء يذكر، يبدو بعيد المنال أن تطأ أقدام مفتشي وزارة الصحة أسفلت مربعات “حزب الله” على رغم صدق نوايا الوزير وائل ابو فاعور الذي هبّ دفاعا عن سلامة الغذاء الوطني.

في انتظار معاودة المحكمة الاستماع الى النائب حماده الشهر المقبل، بدا كلام حماده في ختام المرحلة الاولى مثيرا للقلق. فعندما كان رئيس المحكمة القاضي ديفيد راي يبلغ حماده تأجيل جلسات المحكمة قائلاً له: “يمكنك العودة الى بيروت”. أجابه حماده: “أعود إذا لم يحصل لي شيء في بيروت”! حمى الله حماده الشجاع من قاتل ما زال في بيروت.