أكثر من “وجه” لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة كان موجوداً أمام مبنى المصرف في الحمرا يوم أمس، فشابات وشباب “الثورة” حضروا الى المكان متنكرين، ليقصوا شعرهم على الرصيف، للاضاءة على مصطلح الـ”Hair Cut” على طريقتهم. فمن تمتع بشعر طويل، تمكن مصفف الشعر من “اقتطاع الحصة الأكبر” منه، أمّا “الأصلع”، فالعملية عنده كانت مستحيلة.
الى جانب طريق المصرف تجمع الثوار، معلقين على الرصيف لافتة كبيرة كتب عليها “لن ندفع الثمن”. هناك تجمع مصففو الشعر الذين شاركوا في هذا التحرك الذي دعا اليه الثوار رفضاً للـ” Hair Cut” أو قص الودائع الذي يعرف باقتطاع أو حجز نسبة معينة من قيمة كل وديعة مصرفية. باقة من الهتافات قالها “الثوار”، منها طالت عملية “قص الودائع”، ومنها الآخر الحاكم رياض سلامة: “Haircut و Capital control عالغني ومش Frata Control علينا”، “يلا فل مع السلامة”، “يسقط يسقط رأس المال، هيدي ثورة العمال”، “ضرايب عالارباح، مش على العامل والفلاح”، “علّي حيط المصرف علّي، رح نحلق لك أد ما تعلّي”، “كلن يعني كلن، سلامة واحد منن”.
كان للثائرات حضورهن اللافت في تحرك الأمس، وليس لقص الشعر فحسب، بل للهتاف بالمطالب، ورفعت احدى المشاركات لافتة أمام المارة في الشارع، كتب عليها: “علقي عالزمّور كرمالك عم منثور”، ليبادلونها باطلاق “الزمامير” من سياراتهم ورفع علامة النصر لها وللثوار. يقول هاشم أحد المشاركين لـ”نداء الوطن”: “بدأنا بالاعتصام أمام مصرف لبنان منذ أمس الأول، لنقول للمنظومة الحاكمة التي تستفيد من النظام ” النيوليبرالي”، وتسرق ثروات هذا البلد وتدمر طبيعته، إنها لن تتمكن من حرف هذه الثورة عن مسارها السلمي والمطلبي والمعيشي والتحرري من كل الأحزاب الحاكمة منذ أكثر من 30 سنة. هدفنا اليوم، إعادة الثورة الى السكة الصحيحة، وإبعادها عن الزواريب الضيقة التي يحاولون خلقها لنا في الشارع لتذكيرنا بالحرب الأهلية. أمّا الفكرة من قص الشعر، فهي الاضاءة على مصطلح الـ”Hair cut”، وهو مصطلح يتم تداوله كثيراً في الفترة الأخيرة، كجزء من حل للأزمة المالية التي نمر بها، ولكن يجب أن يرتكز الاقتطاع على الودائع المصرفية الضخمة وليس على صغار المودعين. وفي المناسبة، نحن مع الغاء فوائد الدين العام لأنّه لزوم ما لا يلزم، ففي كل بلدان العالم التي تواجه مشاكل مشابهة لمشاكلنا، يكون خيار إعادة هيكلة الدين تمهيداً لالغائه خياراً مطروحاً بقوة. من هنا، يجب أن يبدأ النظام اللبناني بالنظر الى الحلول الحقيقية، والا سيكون الانهيار المالي والاقتصادي نتيجة محتمّة”.
شعر الثوار تناثر على رصيف الحمرا
كما يذهب الجندي الى الحرب بكامل عتاده، كذلك حضر مصففو الشعر الى هذا التحرك، بعدتهم كاملة من مقص و”موسى”، والكرسي، و”سبراي” المياه، والمريول والفرشاة… واحدة تلوة الاخرى، وواحد تلو الآخر، جلسوا على الكرسي، وقصوا شعرهم. يقول أحد الحلاقين وهو يقص شعر ريم: “هكذا تكون الـ”Hair cut” المحترفة، فالشعر الطويل يمكن “الإقتطاع” منه أكثر من الشعر القصير”، أمّا ريم التي تنكرت بوجه رياض سلامة وقصت شعرها وهي تقرع الطبل، فإعتبرت أن مشاركتها في هذه العملية تهدف الى مطالبة الناس التي تملك الملايين، بتحمل المسؤولية، وليس الطبقة الوسطى والفقيرة”. كذلك، قصّت رهف ضاهر شعرها، للمشاركة بأي طريقة لدعم الثورة، ورأت أنّ “في عملية القص رمزية لقص الفساد من البلاد”، وهذا ما زادها حماسة للتضحية بشعرها، وبحسب قولها “شعرت أني قدمت شيئاً لهذه الثورة، ويمكن التضحية بأمور بسيطة أحياناً بهدف أمور أكثر عمقاً في الحياة”.