IMLebanon

الإستراتيجية والقرارات المالية والنقدية والاقتصادية المبطّنة

 

يواجه اللبنانيون والشركات ويتعايَشون مع سياسة مع قرارات مالية ونقدية واقتصادية مبطّنة، متخذة من خلال قرارات غير مباشرة ومحجّمة. وكأفراد ومواطنين وشركات، نُواجه ونعيش بطريقة مباشرة وغير مباشرة ما يُسمّى بالسياسة المبطّنة، تُمرّر في مراحل معيّنة، وعلى غفلة من الشعب، وبطريقة غير صريحة وحتى خبيثة.

نقدّم بعض الأمثلة كي نبرهن ونثبت المقصود: سنبدأ بالمثل الأول وهو قرار الـ «كابيتال كونترول». فمنذ تشرين الأول 2019 بدأنا نشاهد اجتماعات مكثفة والتحضير لتشريع قانون الـ «كابيتال كونترول»، وحتى تاريخه لم يصدر أي قرار أو قانون رسمي حيال هذا الموضوع الشائك. لكن ما حصل واقعياً وفعلياً أنه نُفّذ «كابيتال كونترول» مُبطّن، أي متّفق عليه، وحيث التنفيذ على معظم المواطنين والمودعين من الشعب اللبناني، ولم يُنفذ بالطريقة نفسها على بعض النافذين لأن ليس هناك أي قانون رسمي حتى الساعة. مرّ هذا القرار الإنتقائي مرور الكرام وبطريقة غير رسمية وغير مباشرة وأُجبر على أن يعتاد عليه الشعب اللبناني لسوء الحظ. وحتى لو أصبح رسمياً في يوم من الأيام، فإنه لن يحقق الأهداف المنشودة.

 

أما المثل الثاني فيتعلق بموضوع الـ Hair Cut. وقد بدأنا نسمع عن هذه العبارة منذ مؤتمرات باريس (1 و2 و3)، وفي تقارير البنك وصندوق النقد الدوليين، لكن اعتقدنا أنه وهم، أو فقط كابوس أو أداة ضغط. وبطريقة غير مباشرة ومبطّنة وخبيثة نُفذ الـ Hair Cut، ولا يزال يُنفذ يومياً،على أكثر من 80 % من أموال المودعين، وعلى ودائعهم وجنى عمرهم، بطريقة غير رسمية، وغير واضحة، في وقت نتلهّى بتعاميم 151 و158 حيث يُسرّ بعض المواطنين عندما يُحولون ويسحبون بعض أموالهم على سعر الـ 3900 ليرة، بحسب سعر الصرف، فيما سعر التداول بالدولار في السوق السوداء يفوق الـ 18 الف ليرة للدولار الواحد، وهكذا يُنفذ عليهم الـ Hair Cut غير المباشر والمبطّن ويخسرون نحو 80 % و85 % من قيمة ودائعهم، ولسوء الحظ قبلوا واعتادوا على أكبر عملية نصب في التاريخ.

 

المثل الثالث يتعلق برفع الدعم، حيث كنا نسمع عنه في ظل كل الحكومات المتعاقبة، وحيث كانت تعلو الإحتجاجات والتظاهرات رفضاً لرفع الدعم عن المواد الضرورية ،مثل الوقود والقمح والدواء، فيما رُفع اليوم الدعم بطريقة غير مباشرة وعلى مراحل، لتمريره بالاستراتيجية الخبيثة عينها.

 

وقد بدأ رفع الدعم من خلال تسعير الوقود، فبدأ التسعير بحسب سوق الصرف الرسمي أي 1500 ليرة، ومن ثم 3900 ليرة، وتوالياً ومن ثم إلى 8 آلاف ليرة وحتى 14 ألفاً، وصولاً إلى ما يزيد عن الـ 18 الف ليرة. فالسياسة التي اتُبعَت في هذا الموضوع الشائك كانت ذل المواطنين من خلال طوابير الإنتظار ومن ثم تسهيل عمليات البيع في السوق السوداء، بأسعار خيالية كانت تفوق الأسعار غير المدعومة كي يعتاد عليها اللبنانيون بطريقة غير مباشرة، وحين رُفع الدعم رسمياً، مرّ مرور الكرام وفرح المواطنون بتوافر الوقود وحتى بأسعار غير مدعومة. وهنا أيضاً نُفذ القرار على مراحل وبطريقة غير مباشرة ومبطنة وخبيثة ودفع ثمنها الشعب المذلول والمُحبط.

 

أما المثل الأخير فهو أنه كنّا نفخر ونتباهى بلبنان بلد الديمقراطية والحريات في المنطقة، فمن دون أن نُدرك تحول نظامنا الليبرالي إلى نظام بوليسي حيث يُضطهد ويُسجن ويُذَل كل من عبّر عن رأي معاكس للسلطة الحاكمة، فتحول بطريقة غير مباشرة بلد الحريات والديمقراطية إلى بلد القمع وكبت الحريات، ومخالفة حقوق الإنسان بإمتياز.

 

فها هي الحقيقة المرة والاستراتيجية المبطّنة والخبيثة التي تُنفذ يومياً على الشعب اللبناني، والذي يُواجه بشرف وشغف، ولم ولن يستسلم.