IMLebanon

لا مجال لإقرار «هيركات» في مجلس النواب

ما مصلحة الحكومة في استعجال مواجهة شاملة مع اللبنانيين ستكون هي أولى ضحاياها؟

 

لن يتأخر موعد المواجهة هذه المرة كثيراً بين الشعب والحكومة، إن أصرت الأخيرة على مشروع «الهيركات» الذي تتضمنه خطتها الاقتصادية التي وضعتها، على وقع تصاعد الأصوات المعترضة السياسية والاقتصادية والروحية لهذه الخطوة غير المسبوقة وغير المفهومة في آن، فيما يظهر عجز هذه الحكومة، كما غيرها من الحكومات السابقة على وقف الهدر والسرقات، واستعادة الأموال المنهوبة التي تقدر بمئات ملايين الدولارات. وتكثر التساؤلات عن الأسباب التي دفعت حكومة حسان دياب إلى السير بهذا المشروع الذي تدرك أنه سيفتح أبواب جهنم عليها، بحيث أن الثورة على هذا القرار في حال السير به، وهو أمر مستبعد إلى أقصى الحدود، ستكون مدوية ولا يمكن لأحد التكهن بمدى النتائج التي ستتمخض عنها.

 

لذلك فإنه عاجلاً أم آجلاً، ستضطر الحكومة إلى التخلي عن هذه الفكرة التي ستكون أولى ضحاياها، إن هي استمرت بتبنيها، دون الأخذ بمصالح الناس التي يجب أن تشكل أولوية لهذه الحكومة، في حين بدأت تتعالى أصوات نيابية رافضة للمشروع، ما يعني بوضوح صعوبة الموافقة عليه في مجلس النواب.

 

وتنظر أوساط نيابية بكثير من القلق إلى التداعيات المرتقبة للخطة الاقتصادية التي أعدتها الحكومة، وتحديداً بالنسبة للـ«هيركات»، مشيرة إلى أنها «دعسة ناقصة بكل معنى الكلمة لدياب وحكومته، في ظل هذه الظروف البالغة الخطورة التي يمر بها لبنان الذي يعاني تداعيات تفشي جائحة كورونا». وتسأل: «كيف يعقل أن تقدم الحكومة على هكذا خطوة ستكون بمثابة الشرارة التي ستحرق الجميع؟ ومن شأنها أن تغرق البلد أكثر فأكثر في مزيد من الأزمات والمشكلات التي لا تحصى ولا تعد. وتشير إلى ان هذه الخطوة مستحيلة التطبيق في لبنان، وسيترتب عنها انفجار اجتماعي ستتحمل مسؤوليته الحكومة بالدرجة الأولى، والعهد من ورائها، مشددة على أن الحكومة ستجد نفسها مرغمة على وضعه جانباً. والأجدر بها أن تبحث عن خيارات أخرى أكثر جدية وفاعلية، ودون أن تكون مضطرة لمد اليد إلى مدخرات اللبنانيين من الطبقات الفقيرة في المصارف.

 

وتقول الأوساط لـ «اللواء»، أن ما يسمى بـ«الهيركات» يحتاج إلى قانون من مجلس النواب، وهذا الأمر بالتأكيد لن يمر لأن النواب لا يمكن أن يوافقوا عليه، وبالتالي فإن الحكومة مطالبة بسحب هذا المشروع الذي يقابل برفض واسع من جميع القوى السياسية، لافتة إلى أن ما تدعيه الحكومة من خطوات لا بد من اتخاذها لإصلاح الأوضاع الاقتصادية، ولا يمكن أن تكون عبر الطبقات الفقيرة التي لا يمكن أن تقبل بأي شكل من الأشكال أن تأتي الحكومة وتصادر جنى أعمارهم، فيما لا أحد يتجرأ على التصدي للفساد والهدر في مؤسسات الدولة، أو المطالبة باستعادة الأموال المنهوبة التي لا يظهر أن هناك جدية في استعادتها، ولا يبدو أن كل كلام بهذا الخصوص قابل للتحقيق، طالما أن هناك من لا يريد لهذا الملف أن يسلك طريقه إلى التنفيذ.

 

وإذا ترى الأوساط النيابية أن الحكومة تدفع الأمور من خلال سقطاتها المتتالية إلى مواجهة حتمية مع اللبنانيين، فإنها تعتبر أن خطوة مساعدة العائلات المحتاجة والفقيرة بأربعمائة ألف ليرة، لا يمكن أن تفي بالغرض، أو أن تفك ضائقة شعب بأكمله، في وقت يعاني السواد الأعظم من اللبنانيين من مآس اجتماعية لا حصر لها، في حين زادت أزمة «كورونا» من التداعيات على شرائح المجتمع الذي بات عاجزاً عن تجاوز هذه المآسي، وبالتالي فإن الحكومة مدعوة إلى البحث عن مجالات أخرى، قادرة على مساعدة اللبنانيين الذين ما عادوا قادرين على تحمل المزيد من الأزمات التي أرهقت كاهلهم، وجعلتم عاجزين عن مواجهة انعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية.