مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» الحاج وفيق صفا في الإمارات. والمهمة محصورة فقط بمتابعة ملف الموقوفين في الإمارات، وليس لأسباب سياسية. فالتوضيح ضروري لأنّ الخبر حدثي بامتياز، ولا يمكن السماح للمتربصين بمحور «المقاومة» من اللئام تشويهه باعتمادهم أدلة متوفرة، أهمها أنّ هذا المحور تولّى مهمة التحريض على دولة الإمارات وفق خطة مبرمجة تقضي بالهجوم الشرس على دول الخليج خدمة لمشاريع التوسّع الإيراني في المنطقة، ولاستنهاض البيئات الحاضنة انطلاقاً من «شيعيتها الخمينية والخامنئية» وشدّ عصبها خدمة لمصالح هذا التوسع.
كذلك لم يتورّع عن تجنيد من يمكن تجنيده في «مهمات» تضر بالأمن القومي الإماراتي، واعتبر من يُضبط متلبساً «بطلاً، مقاوماً ومعتقلاً مظلوماً، صودرت حريته بقرار تعسّفي غير قانوني وتعرض إلى التنكيل»، وكأن ما يتعرض له معتقلو دول الممانعة هو رحلة إلى النعيم، وليست جرائم ضد الإنسانية من مهسا أميني إلى مفقودي السجون السورية أو المقتولين فيها، والذين يفترض بأهاليهم أن يوقّعوا على وثائق تشير إلى وفاتهم لأسباب طبيعية، وإلا لا يتسلمون جثثهم.
وأيضاً لم يوفر وسيلة للقدح والذم مع اعلان الإمارات التطبيع مع إسرائيل، متجاهلاً تسهيله ومباركته ترسيم الحدود البحرية مع العدو الصهيوني وتقديم خيراتنا النفطية والغازية إليه بموجب وثيقة تعتبر بدورها تطبيعاً واعترافاً بهذا العدو وتسمح له بنهب ثرواتنا في بحرنا ومياهنا الإقليمية.
وبالطبع لم يعبأ يوماً ما أو يتردد بشأن الأضرار التي ألحقها أولاً وأخيراً باللبنانيين العاملين في هذه الدولة، أو في غيرها من دول الخليج التي يُنتهك أمنها وأمانها إن بالخلايا التخريبية أو بالمخدرات. بالتالي، كانت النتيجة تحفظاً على منح اللبنانيين تأشيرات دخول إلى الإمارات، عنوة عن باقي جنسيات العالم بأسره ربما.
وبالطبع تواصل الهجوم مع عملية «طوفان الأقصى» وما رافقها من وحدة ساحات، وانهمرت الإدانات على الإمارات وكذلك الاتهامات بأنها تسهل وصول البضائع إلى إسرائيل وتدعمها في حربها ضد حركة «حماس». وعلى ما يبدو كل هذه الوقائع والمعطيات يمكن أن تسقط عندما يتعلق الأمر بالمصالح. فنقل البندقية من كتف إلى آخر مألوف ومسألة مفهومة في السياسة وعلاقات الدول والأحزاب، وفق حسابات هذه المصالح.
لكن ما ليس مفهوماً هو مسارعة المحور الممانع لتصوير زيارة صفا إلى الإمارات وكأنها انتصار إلهي آخر، يجب تسجيله في خانة البطولات والإنجازات وبنك الأهداف. لذا تمّ الترويج للزيارة وكأنّها مطلب إماراتي، وفق «التعليمة» التي تلقتها «الأقلام الممانعة» وسارعت إلى صياغة سيناريواتها واستنفار «مصادرها»، لتصورها وليدة «غايات إنسانية» لأبرياء محتجزة حرياتهم، وفي الوقت نفسه تبتكر ما مفاده أنّ سلطات أبو ظبي هي التي طلبت بداية «التواصل المباشر مع الحزب». وتتوسع في التفاصيل عن دور بشّار الأسد، بصفته أحد أركان «المقاومة الشرسة»، ولا تضيره «علاقات جيدة آخذة في التطور» مع القيادة الإماراتية «المتصهينة والمتآمرة على الفلسطينيين وحقوقهم»، ليبقى المهم في هذا التناقض الدرامي مفهوم «حسن النيّة» الإماراتية، التي يمكن البناء عليه لتلقين البيئة الحاضنة الوقائع بمعلومات مغلوطة وحقائق مزيفة، وعلى هذه البيئة أن تنسى كل الخراب الذي منيت به منذ «حرب المشاغلة والمساندة»، وتصدق أن قضية «المعتقلين في الإمارات» هي أولوية تفوق بأهميتها التطورات الإقليمية الساخنة التي ستعيد رسم خرائط المنطقة.
فليس مسموحاً لهذه البيئة قراءة أبعاد مهمة الحاج وفيق صفا في الإمارات… إلا بالمقلوب. كما جرت العادة وفق سياسة «حزب الله» بغية خدمة مصالح رأس محوره في التعاطي مع غالبية الوقائع والاستحقاقات.