IMLebanon

بركة الشهادة

 

 

اذا لم تفعل شهادة الشاب المناضل «سراج» سوى المشهد الذي عاينّاه، أمس، في مجمّع المجتبى، حيث تدفّق لبنان كلُّه لتقديم التبريكات والعزاء الى والده النائب الحاج محمد رعد، فتكون قد فعلت الكثير. فكم بالحري أنه يمكن تعداد العشرات من المعاني الرائعة على الصعدان الوطنية والقومية والإنسانية والأخلاقية والنضالية والشخصية. ونعود الى المشهد لنرى أن لبنان كلّه كان هناك. دلفوا الى التبريك والتعزية من الناقورة الى النهر الكبير ومن فقش الموج الى ذرى القمم. قدموا على اختلاف مواقعهم وتباين آرائهم وحتى على تضارب اقتناعاتهم ليؤكدوا على ثوابت عديدة:

 

إن اللبنانيين يتضامنون في المحن والصعوبات ويضعون الخلافات الشخصية جانباً في الملمّات.

 

وإن الموقف من العدوان الإسرائيلي يجمع ولا يفرّق.

 

وإن القدس التي ارتقى الشهيد عباس رعد (سراج) على طريقها هي «عاصمة» اللبنانيين جميعهم، قدْر ما هي عاصمة فلسطين الحقيقية كما كانت وكما يجب أن تكون، وستكون.

 

وإن القضية الفلسطينية لا تزال القضية المركزية، بالرغم من أن ذكريات بعضها كان أليماً.

 

وإن المقاومة لم تبخل يوماً في العطاء الكبير من «هادي» الى «سراج» ومَن ارتقوا قبلهما وبين شهادتيهما، والذين على درب النضال يسيرون ما دامت فلسطينُ محتلّةً ولبنانُ مهدّداً.

 

وإن اللبنانيين، وهم يقدّمون التبريكات، يدركون بالتأكيد والتجارب الطويلة أن فرح الشهادة والعطاء هو أيضاً حرقةٌ عميقة في النفوس والوجدان، ويكاد لا يوجد بيت في لبنان لم يعانِ الحزن العميق ممزوجاً بزهوة الشهادة، لاسيما بارتقاء هذه النخبة من الشباب الناهض الذين ارتقوا كوكبةً وراء كوكبة، وهي مسيرة ستظل متواصلةً ما دام ظلمٌ يسود وعدالةٌ تتوارى.

 

أما رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب الحاج محمّد رعد فيكفيه فخراً أنه والد الشهيد، وأنه مثال للآباء الذين يحتفظون بالجرح المؤلم في قلوبهم، ويعتصمون بحبل الصمت، ويؤمنون بأن النصرَ آتٍ.