Site icon IMLebanon

طلاسِم الوزير

 

لم يتمالك وزير الصحة نفسه ازاء الاتهامات التي تقلّل من جهوده ضد الجائحة، فأنهى تغريدته أمس بهذه التحفة: “وبحاضروا من موقع مسؤول… هزُلت طفح الكيل”.

 

هدّئ أعصابك يا معالي الوزير، فأنت في مرحلة التشافي من “الكوفيد”، وسريرك لا يزال ساخناً في “السان جورج”. لكن، لكَ منا نصيحة لوجه الله، وهي ان تُبَسّط اسلوبك علَّ سائر المواطنين يستطيعون فهْم مقاصدك النبيلة فيشاركونك المعاناة ويتحملون معك ضغطاً تنوء بحمله الجبال.

 

واقع الأمر ان الجملة الأخيرة من التغريدة المذكورة أعلاه هي أوضح ما قاله الوزير، الذي لو عدنا الى ما خطَّه بنانُه الالكتروني منذ أشهر على “تويتر”، لاحتجنا ليس الى أي ترجمان، بل الى مثقف موسوعي يمزج الفقه والتصوّف بالبديع والبيان.

 

معالي الوزير، من البديهيات ان اضطراب المبنى ناجم عن ضبابية المعنى. أما اذا كنت تقصد التعمية فهذا لا يليق بموقع مسؤول يَفترض حُسنَ التعبير والوضوح لتوصيل رسالة لا لبس فيها للمتابعين والمهتمين، خصوصاً في ظل كارثة صحية لك باعٌ طويل فيها وفي درء تداعياتها.

 

لا أحد ينكر الجهد الذي قمتَ به في بداية الأزمة، لكن “الله لا يحمِّل نفساً إلا وسعَها”، فكيف اذا كانت بطبيعتها أمَّارة بالانحياز وتفضيل الحسابات السياسية في الاستمرار باستقبال الرحلات واستيراد الفيروس وقت كان الانتشار في لبنان في أدنى المستويات؟

 

لنتفق على أنك “سوبر وزير” فوق المساءلة. فحكومتك مستقيلة، ويمنّنُنا حسان دياب بتضحيته بتصريف الأعمال. فلمن تقدّمون جردة حساب؟ لمجلس نواب رفض إصدار قانون “كابيتال كونترول” لحماية ما تبقى من أموال المودعين؟ أم لشعب قمعتموه بالعصي والرصاص المطاط؟ لذلك فإنك مطلق الحرية في التصرف الخاطئ والتغريد المريع. تُحذّر من المرض الذي يضرب في كل الاتجاهات وترقص بالسيف على الأكتاف او تحضر المآدب المآدب العامرة، ولا تتردّد في وصف من حاولوا تأمين بعض الدواء بالعهر، ذلك أن “بحاضروا…” لا تعني إلا القول المأثور عمَّن “يحاضر بالعفة”. معيبٌ ان تلجأ الى هذا الاسلوب في وقت يُجمع حلفاؤك قبل خصومك على أنك مقصّرٌ في موعد استقدام اللقاح وتجهيز المستشفيات، ومسؤول عن عدم الاستعداد الكافي للأزمة الصحية الخانقة التي كان قدومها واضحاً لأيّ ذي حُكم سليم.

 

بالله عليك يا معالي الوزير أوقِف التغريد رفقاً باللغة العربية. فما بدا حين باشرتَ هذا النوع من التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي أنه توريات تضمر معاني خلاقة وتفتح الباب امام التفكير العميق، تبيَّنَ انه نقص مدقع في مهارة التوصيل ما يجعلك تؤدي غير المعنى الذي “في قلب الشاعر” ويحول دون الاعجاب إلا من بعض مريديك.

 

معالي الوزير، أنت في أهم موقع اليوم لأن الجائحة والخشية من الموت على أبواب المستشفيات هما الشغل الشاغل لكل اللبنانيين والمقيمين. غرِّد بواجب المساواة بين المناطق والأشخاص والمستشفيات بلا أي تمييز، واقرن القول بالفعل. تخلَّ عن “عُجمة” اللسان واكتب جملة عربية مفيدة. بشّر الناس باليقين لأن “ما ينفع الناس يمكث في الأرض” اما التغريد فيذهب جفاء… وأنت خير العارفين.