IMLebanon

“حماس” والجمهورية الإسلامية الإيرانية

يؤكد اسلاميون فلسطينيون أن العلاقة بين رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس وحركة “حماس” متردية جداً رغم “المصالحة” التي تمَّت بينهما قبل أشهر، وأثمرت حكومة وحدة وطنية. ولا يعود تأكيدهم هذا الى تفجير منازل قياديين في حركة “فتح” في غزة قبل المهرجان الذي كان يُعد لتكريم الرئيس الراحل ياسر عرفات، علماً أن عباس اتهم “حماس” صراحة بالتفجيرات. بل يعود الى أمر أساسي هو أن الثقة المفقودة بين الطرفين لم تحلّها المصالحة ولا حكومة الوحدة الوطنية. وبدا ذلك واضحاً من امتناع الأخيرة عن دفع رواتب المنتمين الى “حماس” والعاملين في الادارات العامة لقطاع غزة، ومن استمرارها في دفع رواتب مناصري “فتح” وعباس رغم غيابهم عن وظائفهم بتعليمات واضحة من قياداتهم. وبدا واضحاً أيضاً من أمر آخر هو استقالة وزراء “حماس” من حكومة المصالحة.

انطلاقاً من ذلك يعتقد اسلاميون لبنانيون وغير لبنانيين أن عودة “حماس” الى “تحالفها” مع ايران أو على الأقل الى علاقة جيدة معها، بعد خلاف عميق بينهما بسبب تباين حاد في مواقف كل منهما من الثورة – الحرب الأهلية – المذهبية في سوريا، احتمال وارد. والدافع الأبرز الى العودة قد يكون الحاجة الى المال في ظل استمرار الخلاف مع عباس، وايضاً الى السلاح في ظل الاقتناع بأن الحرب مع اسرائيل لم تنتهِ ولن تنتهي، وخصوصاً بعد عجز اسرائيل مرة ثانية في حربها على غزة “حماس” عن الانتصار رغم حجم الدمار الذي تسببت فيه، والأعداد الكبيرة للقتلى والجرحى والمعوقين. وفي هذا المجال يلفت هؤلاء الى أن ميزانية غزة “حماس” كانت تدفعها ايران. ويلفتون أيضاً الى أن العودة اليها قد لا تكون مجزية كثيراً لأن أوضاعها الاقتصادية والمالية لم تعد تسمح للممسكين بمقاليد الأمور فيها بالانفاق الواسع كما في السابق. علماً أن ذلك في رأيهم لن يحول دون محاولة استعادة “حماس” بالمساعدات المالية لأن ايران رغم مصاعبها لا تزال قادرة على تقديم العونين المالي والسلاحي، ولأن عباس وسلطته يعانيان بدورهما شحاً في المال، الأمر الذي ينعكس أيضاً على مؤيديهما في غزة. وينهي هؤلاء الاسلاميون اللبنانيون وغير اللبنانيين أنفسهم كلامهم بالاشارة الى استمرار الاتصالات لرأب الصدع بين طهران و”حماس” واعادة العلاقة الى ما كانت عليه أيام التحالف أو الى مرتبة غير بعيدة عنها. والقائمون بها يقولون إن المسؤولين الايرانيين يريدون أن يقوم وفد “حمساوي” يترأسه خالد مشعل، الشخصية القيادية الأولى في “الحركة” التي قادتها في الاتجاه السوري والعربي وربما الاسلامي المناقض لاتجاه ايران. علماً أن زيارته طهران كانت دائماً على الأجندة منذ أكثر من سنة. لكنها لم تتم ليس لأنه لم يكن راغباً فيها أو متردِّداً في القيام بها، بل لأنه كان مصرّاً على مقابلة المرجع والولي الفقيه آية الله علي خامينئي خلالها، وكان الأخير غير مستجيب لذلك.

ما هو رأي “حماس” في كل ذلك؟

يقول قريبون منها ومطلعون على حركتها أنها لم تكن يوماً تابعة لايران رغم علاقتهما الجدية والوثيقة، ورغم اعترافها بالجميل جرّاء المساعدات الايرانية المالية والسلاحية. فهي “حركة” منظمة ذات كوادر و”مجالس” مناطقية داخل أراضي فلسطين وفي الشتات. وليس فيها اتجاهات متناقضة بسبب ارتباطات خارجية رغم التباين أحياناً في مواقف عدة، كما ليس فيها من هو “فاتح على حسابه”. ربما يكون لعدد محدود جداً تفضيلاً لايران على غيرها، لكن ذلك لا يدفع “الحركة” الى اتجاه يخالف مشروعها ومصالح شعبها. فضلاً عن أن حلفاء ايران من الفلسطينيين ليسوا بمثل تنظيمها، ولذلك فان القدرة على استقطابهم ايرانياً أوسع. ويقولون أيضاً إن الاتصالات معها لم تنقطع، وانهما حتى “أيام العز” كانتا تختلفان، وكان قادة “حماس” يأخذون ما يعتبرونه قرارات صائبة. فيوم أجريت انتخابات تشريعية فلسطينية عارضت ايران اجراءها ولم تتجاوب “حماس”. وعندما فازت هلّل الإيرانيون. وعندما قررت “التهدئة” مع اسرائيل في مرحلة سابقة احتجت ايران. لكن التهدئة وان موقتة حصلت. ويوم اجتماعات انابوليس كانت طهران تعدّ لعقد مؤتمر العلماء المسلمين فيها لتردّ بواسطته عليها، وكان يشترك فيها حليفها السوري الرئيس بشار الأسد. لكن “حماس” نصحتها بتأجيله كي لا تضر حليفها الأسد. وتدخلت مع الأخير لذلك. وتأجل.

ويقولون أخيراً إن يد “حماس” ممدودة الى إيران وفي الوقت نفسه أن مواقفهما الاقليمية ثابتة وهي ليست معادية لطهران، كما انها لا ترضي جهات عربية عدة فاعلة.