Site icon IMLebanon

“حماس” في ضيافة نصرالله: رفح تغيّر الشروط وترفع سقف المواجهة

 

 

كان لافتاً استقبال الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله وفداً قيادياً من حركة «حماس» برئاسة خليل الحية، ضمّ محمد نصر وأسامة حمدان، في أعقاب عمليات إسرائيل العسكرية ضد مدينة رفح وفشل المباحثات للتوصّل إلى هدنة للحرب على غزة، وترافق ذلك مع تطوّر عسكري ميداني بالغ الأهمية في جنوب لبنان حيث طوّر «حزب الله» المواجهة بعدما بلغت مسيّراته العمق الإسرائيليّ. وعلى عكس ما يشاع، فإنّ انتقال مسؤولي «حماس» للإقامة في لبنان غير وارد.

 

مسألتان تؤرقان إسرائيل في الوقت الراهن: إمكانات «حزب الله» المتطوّرة وتغيير منهجية عملياته العسكرية، واستمرار قدرة «حماس» على الحرب بعد ثمانية أشهر من عملية «طوفان الأقصى»، وقد عادت عناصرها لتتمدّد داخل المناطق التي أخلتها إسرائيل. خلال الجلسة المشتركة بين «حماس» والسيد نصرالله تمّت جردة حساب لآخر ما توصّلت إليه المحادثات في شأن الهدنة ووضع الجبهة العسكرية ميدانياً، وآخر ما انتهت إليه مفاوضات الهدنة وتهديدات إسرائيل بالدخول إلى رفح.

 

جاء اللقاء ليؤكّد حسب مصادر الطرفين أنّ العلاقة بين «حماس» و»حزب الله» على أعلى مستوياتها. انتقلت هذه العلاقة من حال التشكيك على خلفية عدم انخراط «الحزب» في الحرب في أسابيعها الأولى، كما كانت تتوقّع «الحركة»، إلى الثناء على موقف «الحزب»، وأهمية جبهة المساندة انطلاقاً من الجنوب. تفهّمت «حماس» موقف «حزب الله»، والتشكيك الذي أثار زوبعة في علاقة السنّة بالشيعة واتّهامهم أنهم تركوا «حماس» في مواجهة إسرائيل منفردة، صارا من الماضي، ليتبيّن لاحقاً أنّ جبهة «حزب الله» والشيعة هم الذين يساندون «حماس». غاية اللقاء استعراض الوضع والتنسيق للمرحلة المقبلة إذا نفذّت إسرائيل تهديداتها بدخول رفح وفشل مفاوضات التسوية.

 

فاجأت «حماس» العالم بقبولها التسوية التي عرضتها مصر رغم التعديلات التي طرأت عليها، ما أحرج رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، لأنّ وقف الحرب يعني نهايته رغم الضمانات لحمايته. على عكسه بدت «حماس» مرتاحة لتحقيقها أهدافها، أي وقف إطلاق النار وعودة السكان إلى غزة وإعادة الإعمار وفكّ الحصار. بنود تعتبرها إسرائيل هزيمة بينما تعدّها «حماس» انتصاراً.

 

نتنياهو اليوم في مأزق لا يمكنه قبول شروط الهدنة ولا استمرار الوضع على حاله. في هذا الوقت، تعتبر «حماس» أنّ الأمور تتقدّم لصالحها. مرتاحة لوضعها الميداني في المعركة. أمّا على مستوى المفاوضات فهي تعتبر أنّ استئنافها من حيث توقّفت غير ممكن بعدما فتحت إسرائيل أبواب الحرب على رفح. تلك الحرب التي تستعدّ «حماس» لخوضها بالتنسيق مع محور الممانعة. اتفقت «حماس» و»حزب الله» على أن لا تراجع ولا شروط إضافية للهدنة. منطق تمّت ترجمته عسكرياً داخل غزة وفي جبهة الجنوب، التي تشهد استخدام أساليب ومعدّات مواجهة متطوّرة تعكس انتقال «حزب الله» من محور المواجهة العادية إلى الكشف عن حيّز مهمّ من قدراته العسكرية وصواريخه المتطوّرة. كلّ سلاح أو مسيّرة يطلقها تكون بمثابة رسالة إلى إسرائيل وأميركا من خلفها ومفادها أنّ المقاومة لديها قدر من المعلومات وقدرة على التكيّف مع طبيعة الحرب بشكل لا يمكن توقّعه. جاء توقيت هذا النوع من العمليات مواكباً لدخول إسرائيل معبر رفح واستمرار تهديداتها بالدخول إلى العمق.

 

يتقصّد «حزب الله» الكشف تدريجياً عن مستواه العسكري وصواريخه ومسيّراته بما يتناسب وطبيعة المواجهة مع إسرائيل، وقد أصبح على دراية بطبيعة الحرب من ناحية إسرائيل وأكثر تحكّماً بقواعد اللعبة. «حزب الله» يضرب العمق الإسرائيلي ويلحق ضرراً كبيراً بالممتلكات والأفراد. ويتقصّد الإعلام العبريّ التكتّم التزاماً بتوصيات المجلس الحربي.

 

يعكس اللقاء بين «حماس» و»حزب الله» تحضيراً ومواكبة لمرحلة جديدة إما نجاح مفاوضات الهدنة، وإما تسخين الساحة، لكنّ المفاوضات مطلب أميركي يفترض أن يبقى مطروحاً على الطاولة ويفترض بالمباحثات ألا تتوقّف.