IMLebanon

هكذا تنظر “حماس” إلى مستوى مشاركة “حزب الله” في الحرب

 

 

كيف تتفاعل حركة «حماس» مع نمط انخراط «حزب الله» في الحرب عبر جبهة الجنوب؟ وهل هناك أي تمايزات في المقاربة لمستوى المشاركة المطلوبة؟ ام انّهما على موجة واحدة؟

خلال المراحل الأولى من العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، ربما دفعت «الحماسة» ببعض قيادات «حماس»، خصوصاً في خارج الاراضي المحتلة، الى توقّع انخراط كامل لـ»حزب الله» في المواجهة، وبالتالي هناك من انتظر فتح جبهة الجنوب على مصراعيها والاعلان بين ليلة وضحاها عن الحرب الكبرى.

 

ولكن الحزب تفادى الذهاب في هذا الاتجاه الذي لا رجعة فيه، بعدما فَقَد عنصر المفاجأة والمباغتة، الذي شكّل السبب الأساسي للنجاح الباهر لعملية «طوفان الأقصى» في 7 تشرين الاول، ولكن هذا العامل هو نفسه أدّى على المقلب الآخر إلى استيقاظ العدو واستنفاره الكامل على جبهة الشمال مع لبنان، ما عقّد اي حسابات او خطط هجومية.

 

وأمام الوقائع المستجدة غداة 7 تشرين، فإنّ الحزب، الذي لا يستطيع أن يكتفي بتضامن لفظي مع غزة، «ابتكر» معركة مدروسة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي عند الحدود الجنوبية، تُحقّق من جهة الإستنزاف والإشغال لجزء كبير من قواه العسكرية، وتحول من جهة أخرى دون انزلاق لبنان إلى الحرب الشاملة، الّا إذا فرضها الكيان الاسرائيلي نتيجة خطأ في الحسابات، وعندها سيثبت الحزب انّه جاهز لها.

 

ومع مرور الوقت وبدء ظهور نتائج هذه الاستراتيجية، ارتفع منسوب الارتياح والاطمئنان لدى قيادة «حماس»، وصولاً الى توجيه شكر خاص للمقاومة في لبنان على لسان ابو عبيدة الناطق العسكري باسم «كتائب القسام»، ورئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية، ما قطع الطريق على محاولات الاصطياد في الماء العكر.

ويؤكّد مصدر قيادي في «حماس»، انّ ما يفعله «حزب الله» على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة من إسناد لأهل غزة ومقاومتها، ودفاع عن لبنان في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، هو «موضع تقدير لدينا»، معتبراً انّ الحزب رسم على الحدود معادلة نموذجية تتناسب مع مقتضيات المرحلة الحالية.

 

ويلفت القيادي، الى انّ المنحى الذي اتخذته المواجهة، وصمود حركة «حماس» وجميع فصائل المقاومة الفلسطينية، لا يستوجبان بالضرورة أن يشنّ «حزب الله» الآن الحرب الكبرى المنتظرة، مشيراً الى انّه ليس المطلوب حرق المراحل والأوراق تحت وطأة الانفعال «وأي مواجهة شاملة يجب أن تندرج في إطار الحرب الحاسمة، لا ان تكون مجرد معركة بين حروب». ويضيف: «نحن لا نتعاطى مع الحزب كأنّه «آخر»، بل عندما نلتقي نجري تقدير موقف مشتركاً على قاعدة اننا وإيّاه واحد في المواجهة ولسنا طرفين».

 

ويشدّد القيادي في «حماس» على أنّ «حزب الله» «صادق وجدّي في دعمه لنا، والّا ما كان ليرتقي له هذا العدد من الشهداء على طريق القدس ومن بينهم كوادر قيادية وابن عضو مجلس الشورى ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، ولو ان الحزب اراد ان يتصرّف بأنانية الانتماء القطري ما كان ليتدخّل اساساً، لكنه اثبت مجدداً انّه معني بالقضية الفلسطينية كما أصحابها».

 

ويعتبر القيادي أن «ليس صحيحاً انّ محور المقاومة لم يهبّ لنجدة غزة، وانّ «وحدة الساحات» لم تتحقق بمقدار معين»، لافتاً الى انّ «حزب الله» حارب عام 2006 بمفرده وعام 2014 قاتلت «حماس» بمفردها، «أما في هذه المواجهة فهناك تنسيق حقيقي بين ساحات المحور للمرّة الأولى على هذا النحو، عبر إطلاق معركة جبهة الجنوب، وتنفيذ المقاومة العراقية عمليات ضدّ المواقع الأميركية في سوريا والعراق، وشنّ «أنصار الله» في اليمن هجمات بالصواريخ والمسيّرات واحتجازهم سفناً في باب المندب، إضافة إلى تحرّك ديبلوماسي إيراني غير مسبوق في المنطقة، عكسته جولات وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، لموآزرة محور المقاومة وتحقيق توازن مع زيارات وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن الداعمة للكيان الاسرائيلي سياسياً وعسكرياً».

 

ويشير القيادي الى انّ «المزايدين على المقاومة من باب المصالح السياسية الضيّقة، لا يهمنا أمرهم ولسنا مستعدين لمناقشتهم، أما الصادقون فعلاً والذين كانوا ينتظرون من الحزب اكثر بسبب الآمال الحقيقية التي يعلّقونها عليه، فيجب ان يعرفوا بأنّه لم يقصّر تبعاً لما تتطلّبه مجريات المواجهة حتى الآن».