هناك سؤال يراودني منذ زمن بعيد، هو هل إسرائيل غير قادرة على إنهاء حركة حماس؟
للإجابة على هذا السؤال بكل بساطة، يجب أن نفهم شيئاً بسيطاً هو انه لو أنهت إسرائيل «حماس» فإنّ عليها عندئذٍ أن تنفذ اتفاق السلام بينها وبين الفلسطينيين، وهذا ما لا تريده إسرائيل.
علينا أن نفهم شيئاً صريحاً وواضحاً ان الشعب اليهودي في اسرائيل منقسم الى قسمين: قسم يريد السلام بالفعل ولكن للأسف هؤلاء هم أقلية.. وقسم أكبر هم المسيطرون على الحكم وهم المتطرفون الذين لا يريدون السلام.
هنا تذكرت ما قاله لي الزميل انيس منصور، الذي أرسله أنور السادات الى القدس قبل زيارته الشهيرة، قال لي: الحكام الاسرائيليون لا يرغبون في السلام، ورئيس الحكومة مناحيم بيغن قلبيّاً لا يريد أن يوقع على وثيقة السلام.. لكن الرئيس السادات أحرجه، فأثناء المفاوضات كانت كلما تعثرت، كان الرئيس السادات يجد حلاً، وكان آخرها وهو في الطائرة على أرض المطار حين جاء خبر بأن إسرائي ل تراجعت ولا تريد ان يأتي السادات الى القدس، وأن لا يقوم بإلقاء خطابه الشهير، الرئيس السادات لم يرد على هذا الكلام واقتحم الكنيست الاسرائيلي وألقى خطابه الشهير.
بالعودة الى الموضوع: لماذا لا تقضي اسرائيل على حماس؟ الجواب لسبب بسيط كما قلنا إنه لو انتهت حماس فإنّ اسرائيل تكون مجبرة على تنفيذ الاتفاقية بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية.
وبالعودة أيضاً الى «اتفاق مكة» الذي حصل في شباط 2007 وتعهدت المملكة العربية السعودية فيه أن تدفع للفلسطينيين مبلغاً من المال… وللأسف لا أحد يعرف لماذا توقف التنفيذ. هناك جاء الدور الايراني الذي يعتبر أساسياً بالنسبة لإسرائيل، لأنه تحت شعار «فيلق القدس»، و»يا قدس نحن قادمون»، تقوم إيران بأكبر عملية خداع للمسلمين العرب وخاصة أهل السنّة، لأنّ الفرس يكرهون المسلمين السنّة لسبببين:
أولاً: لأنّ الإسلام هو الذي أنهى الامبراطورية الفارسية.
وثانياً: الحرب التي استمرت 8 سنوات بين إيران والعراق، والتي لم تستطع إيران أن تهزم صدّام حسين، بل العكس فإنّ صدّام هو الذي انتصر على الفرس واستعاد الأهواز التي هي في الحقيقة أراضٍ عراقية، لكن الشاه كان قد استولى عليها، وهي الأغنى في إيران لأنها تحتوي على مخزون نفطي كبير.
هذه الحرب كلّفت كلاً من إيران والعراق ألف مليار دولار خسائر في كل بلد.
من ناحية ثانية، وما أن انتهت الحرب كان الاميركيون يحضّرون لحرب جديدة على العراق بعدما ارتكب الرئيس صدّام حسين أكبر غلطة في التاريخ ألا وهي احتلال دولة الكويت، وبها أعطى العُذر لأميركا كي تأتي الى المملكة العربية السعودية وتقود قوات الحلف المكلفة بتحرير الكويت، وتحت هذا العنوان تعرّض العراق لغزو جديد من قِبَل أميركا التي كانت تنتظر تلك الفرصة الذهبية وهي القضاء على الجيش العراقي الذي هو الهدف الرئيس الذي تخاف منه إسرائيل.
بالعودة الى موضوعنا وهو: سر العلاقة بين وجود أو إبقاء حركة حماس التي هي بالنسبة لإسرائيل الفريق الفلسطيني الذي لا يريد السلام.
وهكذا منذ «اتفاق أوسلو» الى «اتفاق مكة»، الذي حصل بين منظمة التحرير وبين حركة حماس في مدينة مكة المكرمة، وبوجود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله تم الاتفاق بين المجتمعين.. ولكن هذا الاتفاق لم يعش لأنّ حركة حماس اعتمدت على إيران التي كنت تنتظر، لتموّل حماس وكي تبقى حماس رافضة الاتفاق تحت شعار «ان اسرائيل لا تريد السلام».
فبين رفض اسرائيل ورفض حماس طارت عملية السلام وتأجلت وأصبحت في خبر «كان».