إسقاط الأسد من الماضي.. ولا انتقاد للتكفيريين!
تستشعر حركة «حماس»، اليوم، خطورة المرحلة في المنطقة ولبنان، وتحتفظ بتحليلها الخاص لمجريات الاحداث التي تمر على الأمة، خصوصاً في السنوات الأربع الأخيرة مع ما سُمّي بأحداث «الربيع العربي».
نظرة الحركة تجاه ما يجري تتسم بالتشاؤم، ليس فقط من الخطورة التي تحملها الاحداث على كيانات المنطقة، بل خاصة، خشيتها من ضياع القضية الاولى للأمة، فلسطين والقدس. لكن ايضاً، ثمة خشية على الواقع اللبناني من مخططات تريد استخدام الفلسطيني في لبنان أداة بيد بعض القوى لغايات مختلفة، وتحذر من أن هذا الأمر، في حال استمر، سيكون وباله كارثياً على الفلسطيني واللبناني على حد سواء.
عكفت الحركة في الفترة الاخيرة على نقاشات داخلية مكثفة لدراسة الوضع اللبناني وموقعها فيه وواجباتها تجاهه، في ظل الصراع الإقليمي الجاري والتدخلات الخارجية المختلفة في المسرح اللبناني. خلصت من جلسات العمل تلك، الى أن من المصلحة الأكيدة حماية المجتمع الفلسطيني على امتداد الجغرافيا اللبنانية من أي اختراق وتوريط بالأحداث اللبنانية، ومن محاولة استعمال الفلسطيني على خط الفتنة في لبنان.
شرعت الحركة في حملة علنية، مع فصائل فلسطينية، عنوانها: «لا للتحريض ولا للعنف» للأهداف التالية: إبعاد الفلسطينيين عن أي صراع داخلي. تجنب حصول أي صراع فلسطيني لبناني. وقاية المخيمات الـ12 في لبنان من انتقال المشهد المذهبي الفتنوي في المنطقة الى لبنان، علماً أن أطرافاً حاولت توريط الفلسطينيين في النزاعات اللبنانية المسلحة، مثلما أن بعض الاطراف زجت بالفعل ببعض الفلسطينيين لتنفيذ اجندات ارهابية في لبنان، ولا يزال البعض يريد من المخيمات أن تشكل ملاذاً آمناً، أو حتى منطلقاً، لأعمال تضر بالواقع اللبناني في الصميم.
تشدد الحركة على ان الوقاية من تلك الشرور هي مصلحة لبنانية، من دون نفي أن في ذلك مصلحة فلسطينية ايضاً، ومصلحة للحركة. لكنها ايضاً مصلحة لبنانية، ومصلحة للمقاومة فيه. ولذلك ثمة عمل ميداني وشعبي، خاصة على صعيد الشباب، وحتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما ان ثمة عملاً بعيداً عن الاضواء، لتجنيب لبنان كأساً مرّة يريدها البعض.
وتشير الحركة الى ذلك التوجّه بأن من الواجب أن يستتبع تجاوباً لبنانياً إيجابياً. ويقول قيادي في الحركة إن من واجب اللبناني الأخذ بعين الاعتبار ما يقوم به الفلسطينيون، نظراً الى الوضع الخاص للفلسطينيين في لبنان. ويطالب الفلسطينيون بإجراءات ملموسة على هذا الصعيد مثل تخفيف التدابير الأمنية على مداخل المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية للشعب الفلسطيني، وعدم اختزال الأمر بالنظرة الأمنية للفلسطيني. كما ان على لبنان الضغط على وكالة «الأونروا» لزيادة المساعدات. ويضيف القيادي في «حماس» أن ليس لدى الحركة مشروع سياسي خاص في لبنان «ومشروعها الوحيد باتجاه العودة الى فلسطين والحفاظ على الهوية الفلسطينية».
تأتي هذه الرؤية في ظل ما سجله المراقبون من علاقة معززة اليوم بين «حماس» والمقاومة في لبنان، وهو الأمر الذي تجلى في اعلان الحركة موقفاً مؤيداً بارزاً للعملية التي قامت بها المقاومة في مزارع شبعا، اضافة الى استنكار «حماس» للجريمة الإسرائيلية في القنيطرة. ويعتبر القيادي في الحركة أن العدو تمادى في اعتداءاته الوحشية، وكانت المقاومة حكيمة في ردها لوضع حد لتلك الاعتداءات.
يعترف مطلعون على واقع العلاقة بين «حماس» و«حزب الله»، كما على العلاقة بين الحركة وإيران، أنها لا تزال دون المستوى الذي بلغته قبيل الاحداث السورية. والحركة، بدعوتها الى عدم التدخل الخارجي في الازمة السورية، تغمز بذلك من قناة المقاومة، مثلما تقصد الأطراف كافة المتدخلة في سوريا لأن ذلك يعزز المشكلة. على أن ثمة تواصلاً مع القيادة الايرانية ومحاولات حثيثة لزيارة رئيس المكتب السياسي في الحركة خالد مشعل الى طهران.
وبالنسبة الى المشهد السوري، بات عنوان الحل بالنسبة الى الحركة يتمثل في الحوار. هنا، تحاول «حماس» إمساك العصا من الوسط، لكن، في الواقع، بدعوتها الى الحوار والابتعاد عن العنف «الذي لا يوصل إلى الحل»، فإن الحركة تقرّ بأن إسقاط النظام السوري بات من الماضي. وهي تعلن اليوم بأن همها الأول هو الحفاظ على الأمن والاستقرار في سوريا، إذ تعتبر أن تدمير المجتمع السوري سيشكل وبالاً على القضية الفلسطينية، لما لهذا المجتمع من دور على هذا الصعيد، برغم أنها تُصرّ على عدم انتقاد بعض الحركات التكفيرية كـ «داعش» و «النصرة» وغيرها!