هذا السؤال يطرحه الكثير من المواطنين، وبخاصة العرب، وهو يحمل في طيّاته نوعاً من التساؤل الغريب.. فالقضية بسيطة.. فكما هو واضح، من خلال المسلسل التاريخي لهذه العلاقة، فإنّ أمير قطر السابق، والد الشيخ تميم الأمير الحالي للدولة، كان على علاقة جيدة مع جماعة الإخوان المسلمين… إذ فتحت قطر ذراعيها للشيخ يوسف عبدالله القرضاوي، أحد العلماء المصريين الأزهريين، ومنحته الجنسية القطرية، وهو الرئيس السابق والمؤسّس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث. كما ان قطر كانت دائماً تساند نضالات المقاومة اللبنانية المتمثلة بـ»حزب الله» والمقاومة الفلسطينية ممثلة بكل فصائلها. ويكفي هنا أن أذكّر أنّ أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني زار بيروت، في أوّل خطوة من نوعها لزعيم عربي بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان عام 2006. أما أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومن خلال تصريحات له نقلتها الوكالة القطرية الرسمية، وصف حزب الله اللبناني بأنه حركة مقاومة، واللبنانيون يتذكرون شعار «شكراً قطر».
لقد كانت قطر دائماً تقف على الحياد، لذا فقد لعبت دور الوسيط الأمين في الحروب التي قامت بين العرب وإسرائيل، ومن أجل ذلك رحبت معظم دول العالم بدءاً بأميركا مروراً بدول الغرب والشرق بما تقوم به قطر اليوم لإيقاف المجازر في غزة وإعادة الحق لأصحابه والأمور الى ما كانت عليه.
وقد استوقفني ما صرّح به الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني سفير قطر في واشنطن داحضاً كل الاكاذيب التي توجّه الى قطر من أنها تحضن حركة حماس لارتباطها بالإخوان المسلمين.
لقد أعلن الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني سفير دولة قطر في واشنطن في جريدة «وول ستريت جورنال» تحت عنوان «قطر لا تريد حرباً أخرى في منطقتنا… لقد كانت الأهداف التي أعلناها منذ بداية الصراع الحالي واضحة وتتمثل في: إطلاق سراح الرهائن، وإنشاء ممرات إنسانية لتوصيل المساعدات الأساسية للمدنيين الفلسطينيين، وإنهاء سفك الدماء، ومنع المزيد من التصعيد.
فعلى مدى العقدين الماضيين اكتسبت قطر سمعة طيّبة في التوسّط في النزاعات المعقّدة ولا يمكن تحقيق السلام الدائم إلاّ من خلال بناء الثقة والتفاهم».
تابع الشيخ مشعل: «لقد كان أساس نجاحنا هو قدرتنا على التعامل مع جميع الأطراف. ففي أعقاب التصعيد في غزة بدأت قطر تتواصل مع كافة الأطراف وتحث على التهدئة، وقد طلب منا شركاؤنا الدوليون كالولايات المتحدة الاميركية التوسّط لتأمين إطلاق سراح المزيد من الرهائن.
لقد اتصلنا بإسرائيل ودول أخرى و«حماس» من أجل تحقيق ذلك.
إنّ إطلاق سراح العديد من الرهائن نتيجة الوساطة القطرية يعد خطوة إيجابيّة، لكن الوضع لا يزال حسّّاساً، ولذلك فمن المقلق للغاية ظهور روايات كاذبة بشأن قطر في وسائل الاعلام، بنيّة واضحة لتصعيد الصراع. إنّ هذه الخطابات تخلق عقبات أمام الجهود والوساطة البناءة وتهدف الى إخراج المفاوضات عن مسارها.. فبمجرد بدء الصراع، تعرّضت قطر لحملة تضليل مستمرة بشأن طبيعة دورنا كوسيط للسلام في المنطقة، ونشرت هذه الحملات الاكاذيب بشأن الغرض من افتتاح مكتب «حماس» السياسي في الدوحة، والمساعدات المالية التي تقدمها قطر للفلسطينيين، وقد عمد معلقون الى القول: إنّ قطر هي المموّلة والراعية لحركة حماس، وهذا غير صحيح.
لقد افتتح المكتب السياسي لـ«حماس» في قطر عام 2012 بعد طلب من واشنطن لإقامة خطوط اتصال غير مباشرة مع الحركة، وقد استخدم المكتب بشكل متكرر في جهود الوساطة مما يساعد على تهدئة الصراعات في إسرائيل والأراضي الفلسطينية… ولا ينبغي الخلط بين وجود مكتب «حماس» في قطر وبين التأييد لها، فالمكتب ينشئ قناة مهمة للاتصال غير المباشر.
إنّ سعي قطر للحوار كان دائماً يتم بالتنسيق مع شركائنا الدوليين، وكانت أولويتنا دائماً السلام والاستقرار في منطقتنا.
كما يتم تسليم جميع المساعدات الانسانية من قطر الى غزة مباشرة الى الأسر الفلسطينية.
لقد أصبحت قطر هدفاً لحملة تضليل مستمرة بشأن دورنا كوسيط للسلام في المنطقة.
إنّ سياسة قطر في التعامل مع جميع الأطراف أسفر عن إطلاق سراح العديد من الرهائن… كما ان هذا التعامل والتواصل مع الجميع يؤدي حتما الى نتائج إيجابية، ويجنّب المزيد من الخسائر في أرواح المدنيين.
إنّ قنوات الاتصال ستبقى دائماً مفتوحة، إذ يمكن أن تؤدي الى السلام الدائم… وستكمل قطر ممارسة دورها مدعومة من أميركا وشركاء آخرين في العالم.
وتأكيداً على الدور الذي تلعبه قطر علمنا ان مدير جهاز «الموساد» موجود منذ يومين في قطر، وكما هو معلوم أيضاً ان الزعيم في «حماس» خالد مشعل هو في قطر، وهناك معلومات عن مباحثات تجري من خلال الدور التي تلعبه قطر لتبادل الأسرى حيث يوجد 240 أسيراً لدى «حماس» وتطالب «حماس» كشرط لتبادل الأسرى أن يتم التبادل بالإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين والبالغ عددهم حوالى 10 آلاف معتقل.