الى أين يمكن ان يصل التراشق بالاتهامات بين واشنطن وبغداد وطهران حول سقوط الرمادي او بالأحرى تسليمها الى “داعش”؟
كان من المضحك – المبكي ان تتكرر فضيحة سقوط الموصل، فوزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر يقول ان الجيش العراقي لم يبدِ ارادة للقتال، وأنه لم يكن يعاني نقصاً في العديد والعتاد، كان أكثر عدداً بكثير من الارهابيين الذين هاجموا المدينة لكنه انسحب، نحن قدمنا له التدريب والتجهيزات لكننا لا نستطيع ان نقدم له الارادة!
صحيفة “نيويوركر” الأميركية دعت الى وقف الرهان على الجيش العراقي واستشهدت بشريط مصوّر لأحد الارهابيين وهو يقول: “هكذا نحصل على سلاحنا، العراقيون يستَجدون الأميركيين لتزويدهم أفضل الأسلحة ثم يتركونها لنا في مخازنهم حين ينسحبون”، ويصوّر الشريط دبابات وسيارات عسكرية وكمية كبيرة من الاسلحة والذخائر.
لست أدري لماذا يغضب حيدر العبادي من تصريح آشتون كارتر، خصوصاً انه كان قد اعترف بأن قواته انسحبت من الرمادي من دون أوامر عسكرية وانه فتح تحقيقاً لمحاسبة المقصّرين، كما اعترف وزير الدفاع خالد العبيدي بأن انسحاب قواته لم يكن له مبرر وهو نتيجة تقاطع في الأوامر وفقدان الانسجام والسيطرة، فهل جاءت اشادة جو بايدن بهذا الجيش ترضية تشبه الضحك على الذقون؟
الأكثر اثارة وغرابة فعلاً هو تصريح قاسم سليماني الذي اتّهم اميركا بأنها لم تفعل شيئاً لمساعدة الجيش العراقي سائلاً: “كيف يمكنكم ان تتمركزوا هناك وألا تفعلوا شيئا”؟ وهو ما يدعو فعلاً الى الاستغراب من منطلق الاتهامات التي طالما وجهتها ايران الى اميركا ورفض تدخّلها في القتال، والقول دائماً ان العراقيين و”الحشد الشعبي” يكفلون تحرير العراق من “داعش”، فمنذ متى صار العتب الايراني على اميركا لأنها لم تقاتل لتعويض الهروب الملتبس للجيش العراقي؟
واذا كان سليماني يتهم أميركا بأنها شريكة في المؤامرة فلماذا يطالبها بالتدخل، ثم هل من المستغرب ان يربط المراقبون بين الانسحاب الملتبس من الرمادي وقبلها من الموصل وبعدها من تدمر في سوريا، واعلان ايران عن تشكيل ما يسمى”درع العالم” الشيعي للتدخل في العراق وسوريا لقتال “داعش”، وهو ما سيعطي”الدواعش” ذريعة مذهبية اضافية؟
يعرف العبادي كما يعرف سليماني، أنه لم يكن في وسع الجيش العراقي وعدد من وحدات “الحشد الشعبي” الشيعي تحرير تكريت قبل اسابيع لولا مساندة الطيران الأميركي، فهل صار تسليم الرمادي الى “داعش” من مسؤولية الأميركيين؟
وعندما يغرق الاميركيون والعراقيون والايرانيون في التراشق بالاتهامات حول السقوط الفاضح للرمادي، ليس خافياً ان “داعش” يخطط الآن لاقتحام بغداد ومحافظة كربلاء ولهذا تقرع طهران طبول”درع العالم”… والحرب طويلة جداً !