محور المقاومة حاسم في قراره أن تدفع إسرائيل الثمن
المنطقة أمام الانفجار بعد اغتيال هنية وقصف بيروت
أخذت الأمور منحى تصعيدياً بالغ الخطورة بعدما تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمر، باغتيالها رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران، فجر أمس، بعد ساعات قليلة على استهدافها القيادي العسكري البارز في “حزب الله” فؤاد شكر، الملقب ب”الحاج محسن”، في قصف مقر إقامته في محلة حارة حريك بضاحية بيروت الجنوبية، ما أدى إلى سقوط ستة شهداء وعدد كبير من الجرحى . وقد دفع هذان الحدثان الأوضاع في المنطقة إلى ذروة التصعيد، حيث باتت الأمور ووفقاً لقادة محور المقاومة، مفتوحة على كل الاحتمالات . إذ لا يمكن استناداً إلى قراءة خبراء عسكريين، أن تمر هاتان الجريمتان اللتان ارتكبهما الاحتلال بدم بارد، دون أن يدفع الثمن وينال العقاب الذي يستحقه على فعلته هذه .
ويبدو بوضوح أن الساعات والأيام القليلة المقبلة، ستكون حاسمة على صعيد الرد الحتمي من جانب محور المقاومة الذي أكد بما لا يدع مجالاً للشك، بأنه سينتقم من إسرائيل لاغتيالها الشهيد هنية على الأراضي الإيرانية، الأمر الذي قد يأخذ الوضع الميداني في الجنوب إلى مكان آخر، سيما بعد تصاعد حدة المواجهات على الحدود ، حيث يجد لبنان نفسه في وضع لا يحسد عليه، بعد تحذيرات دولية لبيروت ، بأن الأوضاع بين لبنان وإسرائيل مرشحة للانفجار. وقد كشف النقاب عن أن هذه التحذيرات تحمل في طياتها تنفيذ المطالب الإسرائيلية، وأبرزها تمسك حكومة نتنياهو بعودة سكان الجليل إلى منازلهم ، فضلا عن التأكد من أن “حزب الله” لن يتمكّن من تهديد الحدود الشمالية لإسرائيل كما يفعل الآن، أو كما فعلت “حماس” في 7 أكتوبر الماضي. أي إبعاده إلى شمال منطقة الليطاني .
وتبدي مصادر دبلوماسية خشيتها بعد تطورات جريمتي طهران والضاحية الجنوبية، أن يكون الوضع الميداني أمام الانفجار الكبير، في حال كان رد المقاومة على اغتيال هنية شاملاً وواسعاً، ما سيخرج الأمور عن السيطرة بالتأكيد، وسط مخاوف خارجية من وجود رغبة إسرائيلية من استغلال الظروف الدولية، بتوسيع رقعة الحرب نحو لبنان، وربما أكثر من ذلك . ولهذا ضرب نتنياهو عرض الحائط كل الدعوات الدولية، من أجل وقف عدوانه على قطاع غزة، فكان قراره باغتيال زعيم “حماس” في إيران . وفي هذا السياق لا تستبعد الأوساط، أن تكون عملية الاغتيال الشرارة التي ستتسبب بحريق هائل في المنطقة، لن يقوى أحد على محاصرته، ما يهدد الإقليم برمته بحرب مدمرة ستقضي على كل شيء .وعلم أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي يأخذ في الحسبان التحذيرات الدولية أكثر من أي وقت مضى، باشر بإجراء سلسلة اتصالات عربية ودولية مكثفة، وتحديداً مع الجانب الأميركي، من أجل الضغط على إسرائيل لمنعها من توسيع رقعة الحرب، ووقف اعتداءاتها على لبنان .
ووسط ارتفاع منسوب التأزم على نحو غير مسبوق، فإن مصادر نيابية بارزة تعتبر أن الأخطار التي تتهدد لبنان، يجب أن تكون دافعاً للاسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، باعتبار أن هذا الاستحقاق ، يجب أن يشكل أولوية تتقدم على ما عداها، لأنه لا يجوز بقاء لبنان دون رأس، في ظل الاستحقاقات الداهمة التي تنتظره، والتي تفرض على جميع الأطراف وضع مصلحة البلد أولوية على ما عداها . فاللبنانيون ما عادوا قادرين على تحمل الشغور الرئاسي القاتل الذي دمر المؤسسات، وخلق أجواء الفوضى والتسيب، ما زاد من معاناة الناس، وفاقم من مشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية، رغم الجهود العربية والدولية الرامية إلى مساعدة اللبنانيين للخروج من النفق، لكن دون إحداث خرق في الجدار حتى الآن .
وتشدد المصادر، على أنه يجب العمل من أجل إزالة أسباب التعطيل بعد أكثر من سنة ونصف على الشغور الرئاسي . وبالتحديد لا بد من إيجاد قواسم مشتركة بين المكونات المسيحية والإسلامية، للتوافق على شخصية الرئيس الجديد للجمهورية، من أجل السعي لإحداث خرق جدي في الملف الرئاسي الذي لن يخرج من النفق إذا استمر هذا العناد والنكد السياسيين على هذا النحو، مشيرة إلى أن الحل يجب أن ينبع من الداخل، وألا يبقى الرهان على الحلول الخارجية التي لن تأتي، لأن أحداً ليس مهتماً بلبنان في ظل الأوضاع المتفجرة في المنطقة. وإذا لم يبادر اللبنانيون إلى تجاوز انقساماتهم، فإنه لن يصار إلى إجراء الانتخابات الرئاسية، وسيبقى الشغور قائماً إلى أمد طويل.
وإذ تعتبر المصادر، أن ظروف المرحلة هي التي كانت تضع مواصفات الرئيس في الماضي، على أن يتولى المجلس النيابي مهمة انتخاب الرئيس بتوجه الأكثرية النيابية ومدى تأثرها بالظروف السياسية، فإن الواقع اليوم لا يختلف عما كان عليه في الماضي، سوى بوجود توازن سلبي في المجلس النيابي. أي أن لا أكثرية يمكنها حسم اسم الرئيس، وهذا عزز دور المفتاح الخارجي في الانتخابات الرئاسية، انطلاقاً من أهمية الدور المتقدم الذي تقوم به اللجنة الخماسية في لبنان، وإن كان اللبنانيون لا يريدون أن يفرض الخارج رئيساً عليهم . ولكن حتى تؤتي الجهود المبذولة ثمارها، فلا بد من تقارب المواقف، والالتزام بنصوص الدستور الذي يبقى المخرج لكل أزمة .