بدأت التساؤلات حول زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنيّة إلى لبنان، والأسباب والظروف والدوافع لهذه الزيارة، لا سيما وأنها تأتي في ظروف بالغة الأهمية على الساحتين الفلسطسينية والعربية، وهي الثانية لهنيّة في غضون ثلاثة أشهر. وعلم من مصادر مواكبة، بأن الزيارة منسّقة مع السلطات الأمنية اللبنانية على خلفية اتخاذ التدابير اللازمة لحمايته، ومن ثم أنها استكمال، وفق المواكبين، للتنسيق مع الأطراف الفلسطينية في لبنان، من أجل الحفاظ على أمن المخيمات الفلسطينية في كل المناطق اللبنانية، لا سيما مخيّم عين الحلوة، بعدما بات لـ “حماس” وخلال الفترة الماضية تواجد في هذا المخيّم ومكاتب في معظم المخيّمات والمناطق حيث التواجد الفلسطيني.
أما على خط اللقاءات مع حركة “فتح”، تشير المعلومات إلى أن هناك حرصاً مشتركاً بين الطرفين على ضرورة ترسيخ الأمن في المخيّمات، والحفاظ على الوحدة الفلسطينية إن في الداخل الفلسطيني أو في خارجه، ومن الطبيعي أن ثمة تباينات حول مسائل أساسية، لكن ذلك لا يمنع من التشدّد والتنسيق على عدم العودة إلى التقاتل بين الفصائل الفلسطينية، وهذه المسألة حُسمت وهذا ما يؤكده الطرفان، إنما ليس هناك على أجندة هنيّة أي لقاء مع مسؤولين من حركة “فتح”، بحيث أن اللقاءات ستشمل بعض الفصائل الفلسطينية وبعض الأحزاب اللبنانية الحليفة لحركة “حماس”.
وفي سياق متصل، يُنقل بأن زيارة هنيّة، ستتناول الوضع الفلسطيني في الداخل، وخصوصاً بعد الإعتداءات الإسرائيلية الأخيرة، أكان على المسجد الأقصى، أو ما سبق ذلك من عملية اغتيال الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، وبالتالي، هناك معطيات ومؤشّرات حول تصعيد “إسرائيلي” مرتقب، في ظل المناوارات التي تقوم بها على الحدود اللبنانية ـ “الإسرائيلية”، وتالياً، ما يجري في غزّة ومدن فلسطينية من انتهاكات واعتداءات، إضافة إلى ربط هذه الزيارة أيضاً بما يجري في بعض الدول العربية من أحداث وتطوّرات وحروب، بمعنى أن هناك خطاً بيانياً واضحاً يمتدّ إلى إيران بعد اتهام “إسرائيل” باغتيال علماء وقيادات عسكرية وأمنية إيرانية، وهذه المسألة تفاعلت في الآونة الأخيرة.
ولا يُستبعد، ومن خلال المعطيات الإستخباراتية والأمنية، بحسب المصادر، أن تلجأ “إسرائيل” إلى عمليات اغتيال على الساحة الفلسطينية في إطار ممارساتها الإرهابية، وهذا أيضاً قد يحدث في المخيّمات وسواها، لذلك فإن زيارة هنيّة تأخذ أيضاً الطابع الأمني، بمعنى تعزيز الأمن واتخاذ التدابير الحازمة والحاسمة، تداركاً لأي عدوان أو خرق قد يطاول قيادات من “حماس” أو سواها.
وتضيف المصادر المواكبة، أن زيارة مسؤول “حماس” أيضاً، لا تنحصر فقط بالأجواء الأمنية واللقاء مع الفصائل الفلسطينية، وإنما هناك معطيات ومعلومات تصبّ في خانة استكمال الإتصالات والمشاورات التي سبق وأن بُحثت في الزيارتين السابقتين، والتي تتمثّل بالشروع في المصالحة بين “حماس” وبعض الدول العربية، وهذا ما تعمل عليه بعض الأطراف اللبنانيين الذين تربطهم علاقات وطيدة بحركة “حماس” والدولة التي يجري العمل على المصالحة معها.
ويبقى، أن زيارة هنيّة إلى لبنان، إنما قد تكون الأبرز في هذه المرحلة، دون استبعاد أن تكون له زيارات لبعض القيادات اللبنانية التي لم يلتقها في الزيارتين السابقتين، خصوصاً وأن أموراً كثيرة قد تغيّرت منذ ذلك الوقت وحتى اليوم على الصعيدين العربي والإقليمي، وصولاً إلى الوضع اللبناني الداخلي، إذ ينقل بأن “حماس” بصدد التوسّع بدورها وحضورها على الساحة اللبنانية، لا سيّما بعدما باتت تشكل إلى جانب حركة “فتح”، حضوراً لا يستهان به لدورها وفاعليتها، في ظل زيادة عدد مكاتبها في أكثر من مخيّم، وقد يتخطى هذه المرة حدود الحركة باتجاه بعض المناطق اللبنانية، حيث ليس هناك من حضور لها.