Site icon IMLebanon

زيارة هنيّة مادة جديدة للسجال في الداخل اللبناني: لم تراعِ ما يمرّ به لبنان الذي يعتبرونه ساحة

 

في الوقت الذي يتخبط فيه لبنان بأسوأ أزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحتى الأمنية في ظل وضعه تحت المجهر الدولي، لا سيما الفرنسي الذي يترقب كما الشعب اللبناني ولادة الحكومة والبدء بالاصلاحات المطلوبة، أتت زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية الى لبنان في غير زمانها ومكانها، ما استدعى إطلاق المواقف غير المرحبة به من معظم الأطراف اللبنانية، باستثناء الفريق الذي يدعمه وبالتحديد «حزب الله» وحلفائه. واللافت ان زيارة هنية تأتي في ظل اتفاقات عربية-اسرائيلية علنية أو غير علنية، كما أن سبب زيارته الى العاصمة اللبنانية لحضور مؤتمر الفصائل الفلسطنية على مستوى الأمناء العامين لرفض التطبيع، لا يعتبر ضروريا خصوصا وأن الاجتماع بثّ عبر تطبيق «الفيديو كونفرنس».

 

في الوقائع، استغل المسؤول الفلسطيني وجوده في لبنان للقيام بجولة على عدد من المسؤولين السياسيين اللبنانيين تحت جناح محور المقاومة، وهذا الأمر من غير المستبعد ان يكون بمثابة توريط جديد للبنان الرسمي وانزلاقه أكثر في الصراعات الاقليمية في ظل المبادرة الفرنسية الحالية، وللافت أيضا هو الزيارة التي قام بها هنية الى مخيم عين الحلوة في صيدا، حيث نُظم له استقبال شعبي وسط مظاهر احتفالية واستعراض مسلح كبير، كان بمثابة تحدٍّ للدولة اللبنانية وسيادتها، لا سيما من خلال المواقف التهديدية التي اطلقها من الاراضي اللبنانية وحديثه عن الصواريخ.

 

مصادر لبنانية متابعة للملف الفلسطيني كشفت لـ «اللواء» أنّ «هنية بصفته رئيس حكومة غزة حاول زيارة لبنان منذ قرابة السنتين خلال تولي الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة، وذلك ضمن جولة عربية كان يريد القيام بها، وطلب حينها من الحكومة اللبنانية الموافقة على حضوره الى بيروت ولكن لم تتجاوب الحكومة آنذاك مع طلبه، تماشيا مع موقف عدد من الدول العربية، لذلك فشلت حينها جولته العربية التي كان يخطط القيام بها».

 

وتضيف المصادر:«اليوم ومع انعقاد المؤتمر الفلسطيني للفصائل في بيروت وجد هنية فرصة لزيارة لبنان، خصوصا ان هناك عدداً من الشخصيات التي تريد المشاركة في هذا المؤتمر لا يمكنها زيارة عدد من الدول العربية كسوريا مثلا أو مصر، من هنا وقع اختيار عقد هذا المؤتمر في العاصمة اللبنانية، الذي ليس لديه مانع باستقبال جميع الشخصيات الفلسطينية لا سيما الموجودة منها في سوريا».

 

وتشير المصادر الى انه «وحسب المعلومات فقد تم الطلب من الدول اللبنانية الموافقة على عقد المؤتمر فتم التريث في بداية الامر، ثم ضغطت بعض القوى السياسية المعروفة على السلطات المعنية، فتمت الموافقة لعقد المؤتمر في لبنان ودخول هنية اليه.»

 

وحول الالية المتبعة لدخول مثل هكذا شخصيات الى الاراضي اللبنانية تقول المصادر «ان الطريقة الطبيعية لقيام مسؤول على هذا المستوى بزيارة لبنان هو حصوله على موافقة الامن العام اللبناني، الذي وافق بطبيعة الحال على مجيء المسؤول الفلسطيني».

 

وترى المصادر المتابعة للملف الفلسطيني بانه «من الطبيعي ان يلتقي هنية خلال زيارته الى لبنان حلفائه، وفي مقدمتهم» حزب الله « وامينه العام لان كل ادائه بالبلد يتم بالتوافق مع الحزب».

 

وابدت المصادر أسفها «لان لبنان لا يزال يُعتبر لدى كثير من الاطراف ساحة مفتوحة، خصوصا ان الحكومة اللبنانية تعطي المجال لاستباحة البلد الذي يفقد السيادة وليس لديه سلطة على معابره وعلى القوى المسلحة الموجودة على أراضيه»، وذكّرت المصادر بـ «زيارة المسؤول العراقي الذي زار لبنان في وقت سابق برعاية «حزب الله» وجال على الحدود اللبنانية الجنوبية، وأطلق مواقف تهديدية دون مراعاة موقف السلطات اللبنانية، وكأن الاراضي اللبناني مباحة ل»حزب الله» بحيث يجري التنسيق معه بإعتباره هو من يتحكم بالبلد».

 

وترى المصادر ان «هنية بزيارته الى لبنان لم يراعي اللحظة الذي يمر بها البلد، خصوصا ان معظم الاطراف السياسية رفضت هذه الزيارة». واعتبرت ان «الاستقبال الذي جرى له في مخيم عين الحلوة أعاد اثارة المخاوف، من خلال عدم المبالاة بالدولة اللبنانية وتأكدهم من غياب السلطة والسيادة اللبنانية لادراكهم ان السلطة بيد حلفائهم. مما يؤكد للداخل والخارج ان لبنان يفتقد لسيادته ولقراره المخترقة والمنقوصة داخليا والجميع يتم التعامل معها على هذا الأساس».

 

وحول موضوع الحياد والنأي عن النفس، تعتبر المصادر ان «هناك تمايز بين النأي بالنفس لان القضية الفلسطنية لا يشملها موضوع النأي، ولكن هذا لا يعني ان يكون لبنان في هذا الوقت ساحة لاعلان مواقف قد تسبب بالحاق الضرر فيه، ان كان بالنسبة للدول العربية او لاعطاء مبرر لاسرائيل القيام باعتداء جديد، خصوصا انه بغنى عن اثارة المزيد من المشاكل مع إسرائيل».

 

وتختم المصادر بالتأكيد انه «وبسبب التركيبة اللبنانية والانقسامات الطائفية والانعكاسات السياسية الخارجية فان لا حل بالمراحلة المقبلة الا بتحييد لبنان والا سيبقى في هذه الدوامة ودائرة الانخراط بالصراعات الدولية وهذا بطبيعة الحال ليس لمصلحة لبنان بل للمصالح الخارجية».