الذين عرفوا طرابلس.
وعرفوا أيضاً بعل محسن.
… لم يفاجأوا ب صحوة الانتفاضة على مكابرة الفوضى.
عشرون سنة وأكثر، والعاصمة الثانية للبنان، هي عاصمة العقل، ومدينة الخلُق والايمان.
في حقبة الستينات كانت طرابلس واحدة.
كانت مدينتين في مدينة واحدة.
وأحياناً، تظهر وكأنّ عاصمة الشمال مجموعة مدن في مدينة.
أو حفنة من الحارات في حارة واحدة.
ويوم غاب عنها، الغرباء، عادت مدينة واحدة.
والمقصود ب الغرباء، هم الذين يرومون استقلالها لا نصرتها على المصاعب.
قبل قرابة نصف قرن، أغتيل في احدى مناطق طرابلس العقيد السوري محمد عمران.
إلاّ أن الحادث مرّ مروراً عابراً، في مدينة صامدة في مبادئها والتاريخ.
في الخمسينات حاول رئيس الوزراء السوري، أن يستغل العاطفة الطرابلسية تجاه سوريا.
وقام يومئذ بتنفيذ القطيعة الاقتصادية بين البلدين.
إلاّ أن زعماء طرابلس، هتفوا، بأصوات عديدة، بأن لا تنازع ولا نزاع، بين الفيحاء الطرابلسية والفيحاء السورية.
… وان للرئيس خالد العظم صوته، لكنه، لا، ولن يختزل بسياسته البلدين ولا الفيحاءين!!
وعلى الرغم من حقبات الانقلابات.
والمدّ والجزر.
فان العلائق بين الرئيسين شكري القوتلي وبشارة الخوري، وحتى في أيام ناظم القدسي، لم تغيّر في خصوصيات لبنان وسوريا.
والعودة الى هذا الكلام، ما تكشفه التحقيقات في حادثة بعل محسن.
وما يتجاهله أركان السلطة، لدى معالجتهم الترابط والاتصالات بين بعض سجناء سجن رومية والمتطرفين في بعل محسن، وتحديداً الذين قاموا أو شاركوا في مجزرة اغتيال ٩ شهداء يوم الأحد.
هناك مسألة لا بد من حلّها، عنوانها الاسلاميون السياسيون منذ نهر البارد وحتى الآن.
باختصار، ماذا يجري في سجن رومية؟
لماذا يحتفظون ب حصانة اقتناء الهواتف الخليوية.
لا أحد يحق له الجواب، إلاّ السلطة القضائية التي تنهج سياسة صمت القضاء الموازية لسياسة عسكر الصمت!
طبعاً، ببراءة الأطفال يتساءل كثيرون: ماذا وراء استمرار البطء، في المحاكمات؟
ولماذا جعل سجن رومية مخزناً يجمعون فيه الخارجون على القانون.
في البداية، كانت هناك شكاوى من عدم وجود قاعات رحبة للمحاكمة.
إلاّ أن هذه القاعات، قيل انها أصبحت متوافرة.
إلاّ أن حادثة الانتحاريين في بعل محسن، كشفت وقائع لا ترضي أهل السلطة وأعمدة القانون في لبنان.
وحسناً، فعل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي أمضى أكثر من ٤٨ ساعة، بين طرابلس ورومية.
وعمل ويعمل على إضفاء الحقيقة، – اذا ما استطاع – على التحرّك الذي لا يزال غامضاً، بين التعقل والتطرّف.
ربما، ما هو آتٍ أكبر مما جرى.
وربما يكون أصغر.
إلاّ أن العارفين بالأسرار، يقولون ان الذي حدث لم يحدث بعد!!