Site icon IMLebanon

متحف للسعادة ومتحف للبؤس!

 

بينما يغرق لبنان في مصائبه المتسلسلة، وآخرها تفجير عاصمته، كانت الدنمارك تفتتح أمام سكّانها متحفاً للسعادة، يعرض لهم كل ما يتعلّق بنجاحات المملكة الإسكندينافية في تحقيق الرفاهية لشعبها!

 

وفي تسلسل علمي، يمرّ الزائر في قاعات مُخصّصة لـ”تاريخ السعادة” و”سياسة السعادة” و”علم السعادة”، ثمّ يجول على لوحات تشرح السعادة في أبعادها الإقتصادية والإجتماعية، معروضة في قاعات شاسعة يسودها اللون الأبيض، قبل أن تُتاح له كتابة مفهومه الخاص للسعادة على أوراق، جرى تخصيص مساحات تُلصق عليها…

 

لم يعد موضوع سعادة الشعوب وقياسه ترفاً او اجتهاداً، وفي دولة الإمارات العربية جرى تخصيص وزارة للسعادة قبل سنوات. ومنذ عام 2012 تُعِدّ الأمم المتحدة تقريراً سنوياً عن حالة الشعوب ودرجة سعادتها، وارتياحها في النظام الذي يحكمها، تعتمد فيه مؤشّرات الحياة الإقتصادية والإجتماعية والأمن الإجتماعي، ونوعية الإدارة العامة وفعاليتها. وللعام الثاني على التوالي، تحتلّ الدنمارك المرتبة الثانية بعد فنلندا، في تراتبية الدول الأكثر سعادة، مُتنافسة مع سويسرا التي تراجعت الى المرتبة الثالثة…

 

ولن نُفاجأ أن يأتي لبنان قِياساً الى تلك المؤشّرات في مرتبة مُتخلّفة. فهذا البلد الحيّ والمتفائل، يعيش منذ سنوات طويلة بين التهديد بالحرب الخارجية، وبين الإستعداد لتأديب أهله إن اعترضوا، تارة من عدوّ اسرائيلي أو شقيق طامع، وطوراً من ميليشيا تابعة تُصرّ على فرض هيمنتها، ومرة ثالثة من سلطة ومُتفرّعاتها، أمعنت سلباً وهدراً لمقدّرات مواطنيها فقادتهم الى قعرٍ يُمنع عليهم التحرّك للخروج منه.

 

صار اللبناني، مثله مثل السوري والعراقي والأفغاني، يبحث عن طمأنينته (سعادته) في أيّ مكان آخر بين أوروبا وأميركا وأستراليا، وللبحث عن موقع بلاده في خريطة الدول السعيدة ينبغي الذهاب الى أسفل القائمة. هكذا احتلّت بيروت المرتبة 26 ما قبل الأخيرة في تقرير الأمم المتحدة لهذا العام، سابقة طهران التي حلّت في المرتبة 32، فيما تحصّنت كابول وصنعاء وغزّة وبغداد في مواقع أسفل القائمة.

 

بعد تفجير بيروت لن يتحسّن شعور اللبنانيين، سيزدادون قلقاً ووجعاً، الى أن يطمئنّوا الى رحيل من قادهم الى هذا الدرك، والذي لن يتوانى عن تتويج فعلته بإهدائهم “متحفاً للبؤس” على أنقاض اهراءات مرفأ عاصمتهم!