لا شك في أنّ عملية «عاصفة الحزم» العسكرية التي نفّذتها دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن، ستشكّل محطة مفصلية، لا بد أن تترك أثرها في مستقبل هذا البلد على المستويات كافة.
بصرف النظر عمّا حقّقته «عاصفة الحزم» من اهداف عسكرية وسياسية، تتجه الانظار حالياً نحو الأهداف المدرجة على لائحة عملية «إعادة الأمل»، وخصوصاً إيجاد تفاهمات الحدّ الادنى للبناء عليها لاحقاً لإطلاق الحوار السياسي مجدداً بين جميع الاطراف المتنازعة في البلاد.
ولكن وفق المعلومات المتداولة فإنّ دول مجلس التعاون الخليجي التي رَعت الحوار في المرة الاولى وفق مبادرتها، وهي المؤهّلة حالياً لِلَعب الدور نفسه، ترفض أيّ دور للرئيس اليمني السابق علي عبدلله صالح ونجله احمد في الحياة السياسية مستقبلاً، لكنها في الوقت نفسه لا تضع أي فيتوات على مشاركة حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه صالح، ولعلّ هذا الموقف هو الذي دفع جماعة «أنصار الله» الحوثيين وحزب المؤتمر الى الدعوة لرعاية أممية لأيّ حوار مُرتقب، وذلك بهدف الخروج من تحت العباءة العربية وشروطها.
لكنّ واقع الحال يفيد بأنه مهما كان السقف الذي ستعقد تحته جلسات الحوار اليمني المقبلة، فإنّ دول تحالف «عاصفة الحزم»، ستكون موجودة بقوّة، في اعتبار أنّ أيّ مسعى بهذا الشأن لا بد أن يحظى بمباركة الرياض وحلفائها وذلك بعدما حصلوا على غطاء أممي شِبه كامل في مجلس الأمن الدولي، وتمكّنوا من التحكّم بمَسار المواجهات الميدانية داخلياً من خلال سيطرتهم على الأجواء والمنافذ البحرية والبرية للبلاد. لذلك، فإنّ تخطّي الرياض في أيّ حلٍّ يمني يعتبر أمراً مستحيلاً في المدى المنظور.
بالطبع فإنّ ايّ حوار محتمل بين اطراف النزاع لن يكون سهلاً في ظل تعقيدات الخريطة السياسية والاجتماعية والقبلية في اليمن، خصوصاً أنّ مستجدات كثيرة قد بدأت تفرض نفسها بعد العملية العسكرية.
فحتى وإن رَضخ الحوثيون وصالح لشروط الرياض فإنّ المؤشرات الآتية من جنوب اليمن تدلّ على أنّ أنصار الحراك الجنوبي لن يقبلوا بعد اليوم بأنصاف الحلول في ما يتعلق بقضية انفصالهم عن الشمال، وذلك بعدما باتوا على يقين بأنّ ما يمرّ به بلدهم والمنطقة يعتبر فرصة نادرة للحصول على استقلالهم، وربما هذه الفرصة لن تتكرّر، خصوصاً أنّ مرافق الدولة اليمنية الموحدة في محافظات الجنوب قد انهارت كما في الشمال ايضاً، وبات توحيد الجيش اليمني أمراً صعباً للغاية بعدما تعددت ولاءاته ما بين صالح وهادي والقبائل والحوثيين.
زِد على ذلك انعكاسات الصراعات الإقليمية والدولية التي تتغلّب فيها الحسابات الجيوسياسية على الصراع الداخلي في اليمن، الأمر الذي يجعل التوصّل الى حلّ سياسي أمراً بعيد المنال في ظل الاحتقان الحاصل داخلياً وخارجياً.
ووفق مصادر أممية فإنّ الحالة اليمنية ربما تكون الأكثر تعقيداً بين أخواتها السورية والعراقية والليبية، وذلك يعود لموقع اليمن الجيوسياسي الذي يجعل منه ساحة مناسبة للتجاذبات الخارجية، التي شكلت بدورها السبب الرئيس لاستقالة المبعوث الأممي جمال بن عمر من منصبه، وذلك بعد محاولاته المتكررة حصر أبعاد الأزمة بالعوامل الداخلية فقط، لكنه أدرك في المحصلة أن لا حلّ في اليمن في ظل التوتر الإقليمي والدولي.
عقبات ومطبّات كثيرة لا تزال أمام إعادة الأمل للشعب اليمني، والمؤشرات كافة تدلّ على أنّ محطة عبور اليمن السعيد بين مرحلتي «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» ستكون طويلة ومليئة بالأفخاخ والصعوبات.